واتخذ مسكنا على بركة جناق، ثم لما بنى محمد بيك مدرسته التى تجاه الأزهر قرر فيها هو والشيخ الدردير المالكى، والشيخ عبد الرحمن العريشى الحنفى، وجعل المترجم فى رياسة التدريس والإفتاء ومشيخة الشافعية وفرض لهم أماكن يجلسون فيها أنشأها لهم بظاهر الميضأة بجوار التكية التى أنشأها لطلبة الأتراك بالمدرسة المذكورة.
ثم اجتمع المترجم بالشيخ صادومة وصاحبه وتمكن من صحبته وكان رجلا مسنا ذا هيئة وشيبة وأصله من سمنود وله شهرة فى الروحانيات، وكان يكلم الجن ويخاطبهم مشافهة. وللناس اختلاف فى شأنه فصار المترجم يمدحه عند الأمراء والأعيان ويخبر عنه بأنه من الأولياء وأرباب الأحوال والمكاشفات، حتى صار معتقدا عند الأمير محمد بيك والأمير يوسف بيك الذى هو من أمراء محمد بيك وغيرهما من الأمراء.
واستمر المترجم مصاحبا للشيخ المذكور ويمدح فيه إلى أن اتضح أمره ليوسف بيك بسبب نادرة وقعت منه، وهى:
أن الأمير يوسف بيك المذكور اتفق له أن اختلى بجارية من جواريه، فرأى على بدنها كتابة فسألها عن ذلك، وتهددها بالقتل، فأخبرته أن المرأة الفلانية ذهبت بها إلى الشيخ المذكور، وهو الذى كتب لها ذلك ليحبها سيدها، فتحامل على المترجم والشيخ صادومة المذكور ولم يتمكن من إيذائهما فى حياة سيده، فلما مات سيده قبض على الشيخ صادومة وألقاه فى بحر النيل وأرسل إلى داره فاحتاطوا بما فيها وأخرجوا منها أشياء وتماثيل ومن ضمنها تمثال من قطيفة على هيئة الذكر، فأحضروا له تلك الأشياء فصار يفرج المترددين عليه من الأمراء وغيرهم. ووضع التمثال الذى من القطيفة بجانبه على الوسادة، وصار يأخذه ويشير به لمن يجلس معه فيتعجبون ويضحكون، ويقول: انظروا أفاعيل المشايخ. ثم عزل المترجم من وظيفة المحمدية وإفتاء الشافعية.