(قلت): ومحلها الآن عدة بيوت عن يمنة الداخل من عطفة الباب الأخضر إلى المشهد الحسينى.
قال المقريزى: وأول من قرر فيها ما يعمل مما يحمل إلى الناس فى العيد هو العزيز بالله، ويكون مبدأ الاستعمال فيها وتحصيل جميع أصنافها من السكر والعسل والقلوب والزعفران والطيب والدقيق لاستقبال النصف الثانى من شهر رجب كل سنة ليلا ونهارا من الخشكنانج والبسندود وأصناف الفانيذ الذى يقال له كعب الغزال والبرماورد والفستق - وهو شوابير مثال الصنج، والمستخدمون بها يرفعون ذلك إلى أماكن وسيعة مصونة، فيحصل منه فى الحاصل شئ عظيم هائل بيد مائة صانع، للحلاويين مقدم، وللخشكنانيين آخر، ثم يندب لها مائة فراش لحمل طيافير للتفرقة على أرباب الرسوم خارجا عمن هو مرتب لخدمتها من الفراشين الذين يحفظون رسومها ومواعينها الحاصلة بالدائم، وعدتهم خمسة، فيحضر إليها الخليفة والوزير معه، ولا يصحبه فى غيرها من الخزائن؛ لأنها خارج القصر، وكلها للتفرقة، فيجلس على سريره بها، ويجلس الوزير على كرسى على عادته فى النصف الثانى من شهر رمضان، ويدخل معه قوم من الخواص ثم يشاهد ما فيها من تلك الحواصل المعمولة المعبأة مثل الجبال من كل صنف، فيفرقها من ربع قنطار إلى عشرة أرطال إلى رطل واحد - وهو أقلها، ثم ينصرف الخليفة والوزير بعد أن ينعم على مستخدميها بستين دينارا، ثم يحضر إلى حاميها ومشارفها الأدعية المعمولة المخرجة من دفتر المجلس كل دعو لتفريق فريق من خاص وغيره، حتى لا يبقى أحد من أرباب الرسوم إلا واسمه وارد فى دعو من تلك الأدعية، ويندب صاحب الديوان والكتاب المستخدمين فى الديوان، فيسيرهم إلى مستخدميها فيسلم كل كاتب دعوا أو دعوين أو ثلاثة على كثرة ما يحتويه وقلته، ويؤمر بالتفرقة من ذلك اليوم فيقدمون أبدا مائتى طيفور من العالى والوسط والدون، فيحملها الفراشون برقاع من كتاب الأدعية باسم صاحب ذلك الطيفور علا أو دنا، وينزل اسم الفراش بالدعو أو عريفه، حتى لا يضيع منها شئ، ولا يختلط. ولا يزال الفراشون يخرجون بالطيافير ملآى ويدخلون بها فارغة، فبمقدار ما تحمل المائة الأولى عبيت المائة الثانية، فلا يفتر ذلك طول التفرقة إلى آخر شهر رمضان. (انتهى ملخصا).