للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والبراعة فى المنسوجات، وأنواع التجارات وغير ذلك. فطالما صنعت كسوة الكعبة المشرفة أيام بنى العباس فى مدينة تونة.

وكان للثياب القسية شهرة، وكانت عمائم دبيق تتخذ من الكتان وتنسج بالمقصب وكان طول الطاقة الواحدة مائة ذراع ومخيشها المقصب يساوى خمسين دينارا غير ثمن الحرير والخيط، ولم تزل مرغوبة إلى وفاة الخليفة العزيز بالله سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.

وقد اندرست تلك المدن ولم يبق سوى بعض أطلالها. وبعد أن كانت أرضها مخصبة كثيرة الأشجار أضحت قحلة غير صالحة للزرع. وحدث فوق سطحها طبقة من الملح مثل الثلج الجامد، بحيث صار يسمع له عند المشى عليه خشخشة، إلا مدينة المنزلة فإنها إلى وقتنا هذا فى غاية العمارة.

وقد عد خليل الظاهرى فى أقاليم الدقهلية أربع مدن: مدينة المنصورة، ومدينة أشمون الرمان، ومدينة فارسكور، ومدينة المنزلة. وقال: فأما المنزلة وفارسكور فتحصلهما فى كل سنة ينيف على سبعين ألف دينار لديوان المفرد الشريف. وإقليمها إقليم حسن حتى صار أن العارفين فضلوه على جميع أقاليم الديار المصرية. وبه طيور حسان الهيئة، شهب الألوان، مطوقة بالسواد، حمر المناقير والأرجل تسمى بالدراج، ولها أصوات شجية تقول فى تصويتها مفسرا يفهمه أهل ذلك الأقليم: «طاب دقيق السبل، سبحان القديم الأزلى». حتى أنه من يسلك تلك الأرض ولم يكن سلكها قط يظن أنه صوت إنسان.

قال ومن جملة خواص هذا الإقليم أن غالب أهل بلاده يزرعون القصب، والقلقاس، والأرز على الماء السائح. وبقرب مدينة المنزلة ملاحة عظيمة يجلب الملح منها إلى البلاد ويجلب من هذا الإقليم رمان كثير جدا. اه.

ونقل دساسى عن كتاب عجائب المخلوقات: أن الدراج طير مبارك كثير النتاج محدب الظهر مبشر بالربيع. وهو القائل: «بالشكر تدوم النعم» وصوته