فى تلك المدة، وتعدوا الحدود فى الفساد، وكان رئيسهم شيخ العرب عبد الدائم بن بقر، فسطا بهم على ناحية منية غمر، فأحرقها بعد نهبها، وقد التفت عليه عرب الشرقية والغربية وزاد فى التعدى، حتى طرد أباه أحمد بن بقر من المشيخة.
ولما بلغ الأمر ملك الأمراء خير بك حاكم مصر من طرف ابن عثمان، أحضر أحمد بن بقر المذكور وخلع عليه، وقرره شيخا على الشرقية؛ وعين الأمير قايتباى الدوادار بطائفة من العسكر للخروج الى عبد الدائم، وأخذ فى تحصين القلعة، وسدّ منها عدة أبواب، وهم بسد أبواب القاهرة، خوفا من عبد الدائم والعرب؛ لإنتشارهم فى البلاد وقطعهم الطرق، حتى وصلوا إلى القاهرة وضواحيها، وأكثروا من السلب والنهب.
ثم فى الثالث والعشرين من الشهر سعى شيخ العرب بيبرس بن بقر أخو عبد الدائم، والشيخ أبو العباس الغمرى فى الصلح بين عبد الدائم وباقى أخوته، وقد رغب ملك الأمراء فى الصلح لسد باب الفساد، وأرسل معهما خلعة لعبد الدائم ومنديل الأمان، فاطمأن عبد الدائم إلى ذلك، وحضر إلى القاهرة يوم الخميس فى الخامس والعشرين من الشهر، وقابل ملك الأمراء، وفى وقوفه بين يدى ملك الأمراء، تقدم إليه والده أحمد بن بقر وأمسكه من طرفه بين يدى ملك الأمراء وقال: إن أطلقت هذا صار فى ذمتك إلى يوم القيامة، وأخرب الشرقية عن آخرها، وساعد والده على ذلك خير الدين بك نائب القلعة، وسنان باشا، فما وسع ملك الأمراء إلا أن وضع عبد الدائم فى الحديد، وسلمه لخير الدين بك، وأوقع القبض على نحو ثلاثين ممن حضر معه من أعيان العرب، وخلع على أخيه الأمير بيبرس، وقرره فى مشيخة الشرقية.
وقد سر بالقبض على عبد الدائم كل أحد من الناس، فإنه كان من كبار المفسدين، أخرب البلاد، وآذى العباد، وقطع طريق القوافل، ووضع يده على