والآن قد تركها، وخلّف تحتها جزيزة واسعة، وقد حصلت بينها وبين صوامعة سفلاق مقتله فى سنة أربع وخمسين ومائتين وألف؛ آلت إلى إحراقها.
وذلك أن الأقاليم القبلية كانت الحروب قائمة بينهم، وكانوا منقسمين قسمين: قسم يقال له: الوناتنة، وقسم يقال له: الصوامعة.
كما أن أهالى الأقاليم البحرية كانت صفين سعد وحرام، وكانت قرية نيدة من صف الوناتنة، فقامت الحرب بين الصفين، واستمر ذلك نحو شهرين وقتل/فيها خلق كثير؛ وأحرقت من الوناتنة ناحية نيدة، ومن الصوامعة، قرية الشيخ زين الدين فى شمال طهطا الشرقى، على نصف ساعة، وبعض قرى من الفريقين.
وكانت هذه الواقعة سببا فى سلب السلاح من أيدى الأهالى إلى جانب الديوان، فإنه بعد فراغ القتال توجه سليم باشا السلحدار إلى بندر طهطا، وجمع المديرين والنظار، وأعطى قرارا بجمع السلاح من بلاد الصعيد قاطبة، فجمع كله؛ وحصل فيه تشديد كبير، ولم يزالوا ممنوعين من حمل السلاح واقتنائه إلى الآن.
وصوامعة سفلاق قرية فى بحرى نيدة، على الشط الشرقى للنيل، كانت واقعة على تلول قديمة قد أكلها البحر، إلا جزءا قليلا، ووقع فى البحر عمود كان مدفونا فى التلول، فإذا فى جوفه جملة كثيرة من الذهب القديم، عليه اسم نبى الله يوسف ﵇، وقد سقط فى البحر، ولم يحصل منه بعض الأهالى، إلا القليل، ولما استشعرت الحكومة، بذلك ضبطت هؤلاء الأهالى، وسجنتهم مدة، ثم أدركهم العفو من المرحوم سعيد باشا، وقد انتقل أكثر البلد بعيدا عن البحر وبنوا أبنية عظيمة بحارات معتدلة وشوارع، وغرسوا الأشجار والنخيل، وفى قبلى طهطا على نحو نصف ساعة، غربى النيل قرية أخرى