مركبين تسيران بالمجداف، ومبدؤه من فرع النيل، فوق مدينة بوباسط بقليل، وقال بلين: قد حصلت الرغبة مرارا فى حفر ترعة، من خليج أيانت، الذى عليه مدينة الشجعا؛ ليتوصل منه إلى الدلتا فى طول اثنين وستين ميلا، وهو أقصر بعد بين النيل، والبحر الأحمر، وأول من فكر فى ذلك سيزوستريس، ومن بعده داريوس ملك الفرس، ثم حفر ثانى البطالسة خليجا ابتدأه من العيون المرة، وجعل طوله سبعة وثلاثين ألفا وخمسمائة خطوة، وعرضه مائتى قدم فى عمق أربعين قدما، ولكن لم يتمه خوفا من غرق أرض مصر، التى زعموا أنها منحطة قدر ثلاثة أذرع عن ماء البحر الأحمر، وقال بعض المؤلفين: إنه لم يكن المانع من إتمامه خوف الغرق؛ بل خوف فساد ماء النيل باختلاطه بالمالح، ثم إنه لو قيس من ناحية باسطة، أو من النيل من محل هذه الناحية إلى السيرابيوم مع المرور على جميع الوادى لكان اثنين وستين ميلا تقريبا.
ويكون السيرابيوم فى آخر الخليج المالح الوارد فى عبارة بلين لأنه كان فى زمنه وفيه بنى بطليموس مدينة أرسينويه، وليس مراده آخر الخليج الذى تكلم عليه هيرودوط؛ لأنه كان قبله بخمسمائة وثمان وأربعين سنة، والطرق التى ذكرها بلين فى تأليف تحقق ما ذكرتا، فى آخر الخليج المالح، فإنه ذكر أن الطريق التى بينها وبين جبل كاسوس قدر ميلين، تمرّ بمساكن العرب بعد نحو ميلين، وبعد نحو ستين ميلا، تلتقى مع طريق بيلوزة، وطريق بيلوزة مارة فى وسط الرمال، يستدل عليها بعلامات من بوص منصوبة فى طولها، والطريق الثالث يبتدئ من ناحية جرة المسماة: لاديس، وهى أقل من ستين ميلا، وجميعها تجتمع، وتصير طريقا واحدا يوصل إلى مدينة أرسينويه التى بناها بطليموس فيلود ولفوس، على خليج شرندره، باسم أخته، كما أنه سمى النهر المار بجداران حيضان أرسينويه باسم بطليموس وكون البعد بين البحر الرومى والسيرابيوم أو مدينة أرسينويه ستين ميلا، صحيح لا شك فيه، لأنا لو قسنا بالبدء من رأس كازرون، مع المرور على الشيح حنيدق، وعلى الخليج المالح،