للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجهة كبيرة العمران، وإنما عدد أهلها فى الكثير نحو أربعين ألف نفس، وفى شرقى وادى النيل إلى البحر الأحمر تسكن (العبابدة)، ثم إن فى مقابلة وادى حلفا فى البر الغربى قرية تسمى (بهنة) فيها آثار معبد كان فى زمن تطموزيس الثالث من فراعنة العائلة الثامنة عشرة قبل المسيح بسبعة عشر قرنا. وهناك شلال يسمى شلال (وادى حلفا)، وهو أكبر الشلالات اتساعا وارتفاعا، وهو الذى يقصده المؤلفون الأقدمون فى كتبهم، وبينه وبين البلد مسيرة نحو ساعتين، عبارة عن عشرة آلاف متر ومن صخوره، المعترضة فى مجرى النيل ما يبلغ طولها نحو اثنى عشر ألف مترا وأكثر، وارتفاعها فوق سطح الماء، فيما بين ثلاثين مترا وأربعين، وينحدر الماء من أعلى الصخور على مدرجات. منها على هيئة السلم الكبير، واحدة منها أو اثنتان يبلغ ارتفاعها نحو عشرة أمتار، وفى الزمن السابق، كانت المراكب فى وقت احتراق النيل تتعطل عن العبور فيه، فأجرى فيه العزيز المرحوم محمد على إصلاحات سهل بها سير المراكب فيه أكثر السنة، وهناك الشاطئ الغربى كله صخور، ويعلو جميع ذلك الجبل المسمى (حفيرا)، فإن ارتفاعه يبلغ نحو مائة متر، والواقف على قمته يرى فى الجهة الغربية صحراء (سلم)، الممتدة بالاستواء إلى النيل، وفى الجهات الثلاث، يعنى غير جهة الغرب، لا يرى إلا الشلال، وهو الذى يعرف بين العرب ببطن (الحجر)، وفى الجنوب على مسافة بعيدة، يرى خضرة دقيقة كالحزام، تسترها الرمال التى تثيرها الرياح، وفى جميع امتداد الشلال لا يرى غير الصخور السود، وشجيرات ذات شوك، ونباتات سمية، وليس فى ذلك الامتداد مساكن، ولا عمارة ولا يرى المارّ فيه مؤنسا غير الحدا، والرخم الساقط على جيف التماسيح ونحوها. ثم وصف ذلك السياح ما فوق ناحية أسوان إلى وادى حلفا، من مجرى النيل، والقرى التى شاهدها ونحو ذلك.

فقال: ثم إن الذاهب من أسوان إلى وادى حلفا يقابله الشلال الأول، بقرب أسوان، وقد سبق الكلام عليه فى قرية الشلال، وبعد نحو ثلاثة آلاف متر منه