للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أكل الملوخيا والسمك الذى لا قشر له، والمنع من الملاهى كلها، وتأكيد منع النساء من حضور الجنائز، والمنع من بيع العسل، وأن لا يتجاوز فى بيعه أكثر من ثلاثة أرطال لمن لا يظن أن يتخذ منه مسكرا، فاستمر ذلك إلى غرة صفر سنة أربع وأربعمائة، فصرف عن الشرطتين والحسبة بمظفر الصقلى. فلما كان يوم الإثنين ثامن عشر ربيع الآخر منها، أمر بقطع يدى كاتبه أبى القاسم على بن أحمد الجرجانى فقطعتا جميعا؛ وذلك أنه كان يكتب عند السيدة الشريفة أخت الحاكم، فانتقل من خدمتها إلى خدمة غين خوفا على نفسه من خدمتها؛ فسخطت لذلك فبعث إليها يستعطفها، ويذكر فى رقعته شيئا وقفت عليه فارتابت منه، فظنت أن ذلك حيلة عليها، وأنفذت الرقعة فى طى رقعتها إلى الحاكم، فلما وقف عليها اشتد غضبه وأمر بقطع يديه جميعا. وقيل: بل كان غين هو الذى يوصل رقاع عقيل صاحب الخبر إلى الحاكم فى كل يوم، فيأخذها من عقيل وهى مختومة بخاتمه ويدفعها لكاتبه أبى القاسم الجرجانى حتى يخلو له وجه الحاكم، فيأخذها حينئذ من كاتبه ويوقفه عليها، وكان الجرجانى يفك الختم ويقرأ الرقاع، فلما كان فى يوم من الأيام، فك رقعة ووجد فيها طعنا على غين أستاذه، وقد ذكر فيها بسوء، فقطع ذلك الموضع وأصلحه وأعاد ختم الرقعة، فبلغ ذلك عقيلا صاحب الخبر فبعث إلى الحاكم يستأذنه فى الاجتماع به خلوة فى أمر مهم، فأذن له وحدثه بالخبر، فأمر حينئذ بقطع يدى الجرجانى فقطعتا، ثم بعد قطع يديه بخمسة عشر يوما قطعت يد غين الأخرى، وكان قد أمر بقطع يده قبل ذلك بثلاث سنين وشهر، فصار مقطوع اليدين معا.

ولما قطعت يده، حملت فى طبق إلى الحاكم فبعث إليه بالأطباء، ووصله بألوف من الذهب وعدة من أسفاط ثياب/وعاده جميع أهل الدولة، فلما كان ثالث عشر جمادى الأولى، أمر بقطع لسانه فقطع، وحمل إلى الحاكم فسير إليه الأطباء ومات بعد ذلك.