وبنى فى القرافة مدرسة للشافعية، بقرب تربة الإمام الشافعى ﵁، ووقف عليها جزيرة الفيل، وهى من أرض المهمشة الآن، وابتداء ظهورها كان فى أواخر الدولة الفاطمية، وكانت متوسطة بين منية الشيرج وأرض الفجالة.
ورتب فى المشهد الحسينى حلقة تدريس وفقهاء.
واعتنى بأمر الأسطول عناية زائدة، لم يقم بها أحد ممن جاء بعده إلا الظاهر بيبرس.
وقطع ما كان يؤخذ من الحجّاج، وعوض أمير مكة عنه فى كل سنة ألفى دينار وألف إردب غلة سوى اقطاعه بصعيد مصر وباليمن، ومبلغه ثمانية آلاف إردب.
وأبطل أمورا أخرى فى الإسكندرية وغيرها.
وأحاط على أهل العاضد وأولاده، وكانت عدة الأشراف فى القصور مائة وثلاثين، والأطفال خمسة وسبعين، فردهم فى مكان خارج القصر، واحتفظ عليهم، وفرّق بين الرجال والنساء لئلا يتناسلوا، وليكون ذلك أسرع لانقراضهم، وتسلم القصر بما فيه.
وبعث بالأموال إلى الخليفة ببغداد، وإلى السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى بالشام، فأتته الخلع الخليفية.
واستعرض الجوارى والعبيد، فأطلق من كان حرا، ووهب واستخدم باقيهم، وأطلق البيع فى كل جديد وعتيق، فاستمر البيع فيما وجد بالقصر عشر سنين.
وأخلى القصور من سكانها، وحطّ من قدرها، فأعطى القصر الكبير للأمراء فسكنوا فيه، وأسكن أباه نجم الدين فى قصر اللؤلؤة، وأقطع خواصه دور الخلفاء وأتباعهم، وكان الواحد منهم إذا استحسن دارا أخرج منها سكانها ونزل بها. وأخليت أماكن من القصر الغربى سكن بها الأمير موسك والأمير أبو الهيجاء.
وفى شهر شعبان سنة ست وستين وخمسمائة اشترى الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه ابن أيوب الجزيرة المعروفة بالروضة، وكانت حصينة، ذات بساتين وثمار وعمائر ليست فى غيرها، وهى أقدم جزيرة فى مصر، وكانت منتزها لمن قبل الفتح ولمن بعده من ملوك مصر، وقد بسطنا الكلام عليها فى المجلد المختص بالمقياس من هذا الكتاب، وبقيت هذه الجزيرة فى ملك المظفر، إلى أن وجهه السلطان صلاح الدين إلى البلاد الشامية، فوقفها على مدرسته التى أنشأها فى مصر العتيقة التى عرفت بالمدرسة التقوية، وهى جزء من محل منازل المعز، والآن يوجد فى محل منازل المعز المذكورة جامع المرحومى وحارات الشراقوة