(قلت): ومحله اليوم قرية البساتين الواقعة على شرقى مصر العتيقة، ثم قال: ورتب فى القصر جميع ما يحتاج إليه الخلفاء، بحيث لا تراهم الأعين فى النقلة من مكان إلى مكان، وجعل فى ساحته البحرة والميدان والبستان، وتقدم بعمارة المصلى بظاهر القاهرة. (أقول): ومحلها الآن بحرى باب النصر، وآثارها موجودة إلى اليوم.
والسور الثانى بناه أمير الجيوش بدر الجمالى فى سنة ثمانين وأربعمائة، وزاد فيه الزيادات التى فيما بين بابى زويلة وباب زويلة الكبير، وفيما بين باب الفتوح الذى عند حارة بهاء الدين وباب الفتوح الآن، وزاد عند باب النصر أيضا جميع الرحبة التى تجاه جامع الحاكم الآن إلى باب النصر، وجعل السور من لبن، وأقام الأبواب من حجارة. (قلت): بابا زويلة كانا عند زاوية سام بن نوح الموجودة إلى الآن بلصق سبيل العقادين، وباب زويلة الكبير هو الموجود الآن فى مقابلة قراقول باب زويلة، فالزيادة حينئذ تكون من زاوية سام إلى هذا الباب. قال المقريزى: وفى نصف جمادى الآخرة سنة ثمانى عشرة وثمانمائة ابتدئ بهدم السور الحجر فيما بين باب زويلة الكبير وباب الفرج عند ما هدم الملك المؤيد شيخ الدور ليبنى جامعه، فوجد عرض السور فى الأماكن نحو عشرة أذرع.
والسور الثالث ابتدأ فى عمارته السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فى سنة ست وستين وخمسمائة-وهو يومئذ على وزارة العاضد لدين الله-فلما كانت سنة تسع وستين وقد استولى على المملكة انتدب لعمل السور الطواشى بهاء الدين قراقوش الأسدى، فبناه بالحجارة على ما هو عليه الآن، وقصد أن يجعل على القاهرة ومصر والقلعة سورا واحدا، فزاد فى سور القاهرة القطعة التى من باب القنطرة إلى باب الشعرية، ومن باب الشعرية إلى باب البحر، وبنى قلعة المقس، وهى برج كبير، وجعله على النيل بجانب جامع المقس وانقطع السور من هناك. وكان فى أمله مد السور من المقس إلى أن يتصل بسور مصر، وزاد فى سور القاهرة قطعة مما يلى باب النصر ممتدة إلى باب البرقية وإلى درب بطوط وإلى خارج باب الوزير ليتصل بسور قلعة الجبل، فانقطع من مكان يقرب الآن من الصوّة تحت القلعة لموته. وإلى الآن آثار الجدار ظاهرة لمن تأملها فيما بين آخر السور إلى جهة القلعة وكذلك لم يتهيأ له أن يصل سور قلعة الجبل بسور مصر