للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمصر، وحفظ القرآن والمتون، واجتهد فى طلب العلم، وحضر أشياخ عصره وجهابذة مصره، وتلقى طريق القوم وتلقين الذكر على منهج السادة الشاذلية على الأستاذ سيدى عبد الوهاب العفيفى المرزوقى، وانتفع بمدده ظاهرا وباطنا، وتلقى طريق السادة الوفائية عن سيدى أبى الأنوار أبى الأنوار محمد السادات بن أبى الوفاء، وهو الذى كناه بأبى العرفان، ولم يزل يخدم العلم ويجتهد فى تحصيله حتى تمهر فى العلوم العقلية والنقلية، وقرأ الكتب المعتبرة فى حياة أشياخه، وربى التلاميذ، واشتهر بالتحقيق والتدقيق والمناظرة والجدل، وشاع ذكره وفضله بين العلماء بمصر والشام، وألف الكتب المعتبرة، منها حاشيته على الأشمونى التى سارت بها الركبان، وشهد بدقتها أهل الفضل والعرفان، وحاشية على شرح العصام على السمرقندية وحاشية على شرح الملوى على السلم ورسالة فى علم البيان، ورسالة فى آل البيت، ومنظومة فى علم العروض وشرحها، وحاشية على آداب الحديث، ومنظومة فى مصطلح الحديث ومثلثات فى اللغة، ورسالة فى الهيئة، وحاشية على مختصر السعد فى المعانى والبيان والبديع ورسالتان على البسملة، ومنظومة فى ضبط رواة البخارى ومسلم وغير ذلك عدة رسائل وقصائد، ثم قال الجبرتى أيضا: وكان فى مبدأ أمره معانقا للخمول، وتنزل أياما فى وظيفة التوقيت بالصلاة بضريح الإمام الشافعى--عند ما جدده عبد الرحمن كتخدا، وسكن هناك مدة، ثم ترك ذلك.

ولما بنى محمد بيك أبو الذهب مسجده تجاه الأزهر تنزل المترجم فى وظيفة توقيته، وعمر له مكانا بسطحه سكن فيه بعياله، فلما اضمحل أمر وقفه تركه واشترى له منزلا صغيرا بحارة الشنوانى وسكن به، ولما حضر عبد الله أفندى القاضى المعروف بططر، وكان متضلعا من العلوم والمعارف، وسمع بالمترجم والشيخ محمد الجناجى واجتمعا به أعجب بهما وشهد بفضلهما وأكرمهما، وكذلك سليمان أفندى الرئيس، فعند ذلك راج أمر المترجم، وأثرى حاله وتزين بالملابس، وركب البغال، وتعرف أيضا بإسماعيل كتخدا حسن باشا، وتردد إليه قبل ولايته، فلما أتته الولاية بمصر زاد فى إكرامه ورتب له كفايته فى كل يوم بالضربخانة، وأقبلت عليه الدنيا، وازداد وجاهة وشهرة، وعمل فرحا وزوّج ابنه سيدى عليا، فأقبل عليه الناس بالهدايا سعوا لدعوته، وأنعم عليه الباشا بدراهم لها صورة، وألبس ابنه فروة يوم الزفاف، وأرسل إليه طبلخانته وجاويشيته وسعاته، فزفوا العروس، وكان