ثم ابتنى جماعة غيرهم ممن يرغب فى الأجرة والفرجة على الترع التى تنصرف من الخليج إلى الزهرى، والبساتين من المنازل والدكاكين شيئا كثيرا، وهى الناحية المعروفة الآن بشق الثعبان وسويقة القيمرى، إلى أن وصل البناء إلى قبالة البستان المعروف بنور الدولة الربعى، وهذا البستان معروف فى هذا الوقت بالخطة المذكورة، وهو متلاشى الحال بسبب ملوحة بئره
وبستان نور الدولة هو الآن الميدان الظاهرى. (انتهى).
(قلت): قد بينا أن الميدان الظاهرى كان غربى شارع مصر العتيقة، المارّ تجاه سراى الإسماعيلية، وأوله من عند قره قول قصر النيل، وكان ممتدا إلى ساحل النيل، وإلى قنطرة جسر أبى العلا، الموصلة إلى بولاق عند وابور المياه.
ويؤخذ من كلام المقريزى أن المبانى كانت ممتدة طولا تجاه قنطرة الخرق على حافة الخليج إلى حارة شق الثعبان، وعرضا إلى شارع مصر العتيقة قبالة قصر النيل، وإلى بستان أبى اليمن وهو الخط الذى به جامع مسكة وسويقة السباعين الآن، فبرّ ابن التبان كان يدخل فيه جميع الحارات والعطف من أول قنطرة الخرق إلى قنطرة سنقر وسويقة السباعين، وذكر المقريزى أيضا أن ببرّ ابن التبان حمام الشيخ نجم الدين ابن الرفعة وحمام القيمرى وحمام الداية، فحمام ابن الرفعة هى الحمام التى عرفت أخيرا بحمام عابدين، وقد زال الآن، وحمام القيمرى هو الذى عرف بحمام مرزوق، وقد زال أيضا، وأما حمام الداية فلم نقف على محله، لأنه زال من قديم الزمان.
وبقرب جامع أبى إصبع جامع الخلوتى، بداخله ضريح الشيخ محمد الخلوتى، يعمل له حضرة كل أسبوع، ومولد كل عام، وهذا الجامع كان أول أمره زاوية لسيدى محمد الخلوتى المذكور، ثم جدد جامعا سنة ثمان وعشرين ومائة وألف، وأقيمت شعائره إلى اليوم بنظر ديوان الأوقاف، ويتبعه سبيل.
وبهذا الشارع أيضا جامع رحبة عابدين، ويعرف أيضا بجامع الشيخ رمضان، لأن به ضريحا يقال له الشيخ رمضان، وبه أيضا ضريح آخر يعرف بالأربعين، وكان هذا الجامع قديما، فجدّده الأمير عبد الرحمن كتخدا، وصار مقام الشعائر إلى اليوم.