فنزلت بدار نقيبها السيد عمر أفندى، وليس ثمة دار آهلة للواردين سواها، وكان المذكور معزولا عن نقابة الأشراف وكان له عادة ورثها من سلفه الأقدمين عمل الموسم الموسوى، يتوجه لضريح السيد موسى الكليم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم، فيبذل الهمة مالا وبدنا فى إقامة شعائر الموسم وإطعام الطعام إلى انقضاء الموسم، فاتفق أن جاءه المنصب قبل الموسم بيومين، وعزل المتولى الذى كان لا يستحق هذه الوظيفة الشريفة، وكنت إذ ذاك بمنزله فإنى تربصت حتى أحظى بزيارة السيد الكليم تتميما لهذه السياحة المباركة فنظمت قصيدة تهنئة له بعودة المنصب فقلت:
الحمد لله على فضله … قد رجع الحق إلى أهله
وآض روض الفضل ذا بهجة … من بعد أن أشفق من محله
قد يطلب الحسناء من لم يكن … كفؤا لها للحمق فى عقله
فمنصب المرء قرين له … والشكل مجذوب إلى شكله
وإن سما شخص إلى رتبة … ليس لها فاضحك على جهله
فهذه غلطة دهر ففى … رقدته فى ظلها خله
فثم لا يظفر إلا بما … يسفر بالخيبة عن عزله
قد يتساوى اثنان فى منصب … وإنما التفريق فى سبله
ومفخر المرء بأفعاله … لا بالذى قد مات من أهله
وقد يسود الشخص آباءه … ويشرف الفرع على أصله
وقد نرى فرعين من دوحة … تخالفا فى الحكم مع شكله
فالخلّ والخمر عصير وقد … باين هذا ذاك فى فعله
إلى آخرها.
ثم إنه ارتحل إلى بلاد الروم وأقام هناك مدة طويلة، وسكن بلد اشكودره من بلاد الأرنؤود وتأهل بها وأعقب لكن لم يبق عقبه ثمة، ولم يزل مشتغلا بالإفادة والاستفادة حتى عاد إلى مصر بعلوم كثيرة وأقر له علماء عصره بالانفراد، وعقد مجلسا لقراءة تفسير البيضاوى وقد مضت مدة على هذا التفسير لا يقرؤه أحد فحضره أكابر المشايخ، فكانوا إذا جلس للدرس تركوا حلقهم وقاموا إلى درسه. قال المترجم فيما نقل عنه: قدم علينا بمصر عام سبعة وثلاثين بعد المائتين والألف كبير جبال الدروز لقيام أهل الجبال عليه ملتجئا بوزيرها محمد على باشا، وقدم بصحبته بطرس النصرانى فاجتمع بالفقير مرارا ورأيت منه أدباجما ومحاضرة