وقرر لكل فقيه من الطلبة فى الشهر أربعين درهما وأردب قمح، فانتقل جماعة من الشافعية إلى مذهب الحنفية.
وولى نظره بعد تجديده الأمير سنجر الجاولى دوادار السلطان الملك المنصور لاجين.
ثم وليه قاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة.
ثم من بعده الأمير مكين فى أيام الناصر محمد بن قلاوون فجدد فى أوقافه طاحونا وفرنا وحوانيت.
ثم وليه قاضى القضاة عز الدين بن جماعة.
ثم ولاه الناصر للقاضى كريم الدين الكبير فجدد فيه مئذنتين، فلما نكبه السلطان عاد نظره إلى قاضى القضاة الشافعى.
وما برح إلى أيام الناصر حسن بن محمد بن قلاوون فولاه للأمير صرغتمش، وتوفر فى مدة نظره من مال الوقف مائة ألف درهم فضة، فكان من أحسن الجوامع إيرادا.
وفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة جدد الرواق البحرى الملاصق للمئذنة الحاج عبيد بن محمد بن عبد الهادى الهويدى البازدار مقدم الدولة وحاز نعمة جليلة وسعادة طائلة، توفى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وكان ابن طولون لا يعبث بشئ قط فاتفق أنه أخذ درجا أبيض بيده وأخرجه ومده، ثم استيقظ لنفسه وعلم أنه فطن به وأخذ عليه لكونه لم تكن تلك عادته فطلب المعمار وقال له: تبنى المنارة التى للتأذين هكذا، فبنيت على تلك الصورة.
انتهى من المقريزى.
وقال ابن جبير فى رحلته: وبين مصر والقاهرة المسجد الكبير المنسوب إلى أبى العباس أحمد بن طولون، وهو من الجوامع العتيقة الأنيقة الصنعة، الواسعة البنيان، جعله السلطان مأوى للغرباء من المغاربة يسكنونه ويحلقون فيه، وأجرى عليهم الأرزاق فى كل شهر، ومن أعجب ما حدثنا به أحد المتخصصين منهم أن السلطان جعل أحكامهم إليهم، ولم يجعل يدا لأحد عليهم، فقدموا من أنفسهم حاكما يمتثلون أمره ويتحاكمون فى طوارئ أمورهم، واستصحبوا الدعة والعافية وتفرغوا لعبادة ربهم، ووجدوا من فضل السلطان أفضل معين على الخير الذى هم بسبيله انتهى.
وفى تاريخ الجبرتى أنه فى سنة خمس ومائة وألف هبت ريح شديدة وتراب أظلم منه الجو، وكان الناس فى صلاة الجمعة فى رمضان، فظن الناس أنها القيامة، وسقطت المركب التى على منارة جامع ابن طولون وهدمت دور كثيرة انتهى.