وقد بقى هذا الجامع عامرا تقام فيه الجمعة والجماعة مدة ثم سقطت عليه غوائل الأزمان فتخرب وضاعت أوقافه.
وفى زمن الأمير محمد بيك أبى الذهب جعل ورشة لعمل الأحزمة الصوف وغيرها، وبعد ذلك اتخذ تكية للفقراء إلى الآن، ففيه اليوم جملة وافرة منهم أورثوه خرابا وتقذيرا ونتنا وجعلوا فيه عششا وأوكارا، ومع ذلك فلم تتغير معالمه الأصلية، وقد وصف الآن بالمعاينة فوجد على بابه من داخله تجاه الميضأة لوح رخام مكتوب عليه بالخط الكوفى تاريخ إنشائه فى شهر رمضان سنة خمس وستين ومائتين، وأن المستعمل للصلاة خمس بوائك منه فقط، وطوله من إحدى جهاته ثمانون مترا، ومن جهة أخرى ستة وسبعون مترا، فمساحته ستة آلاف وثمانون (١) مترا مسطحا وذلك فدان وعشرة قراريط من فدان تقريبا وهو أقل من نصف مساحة جامع عمرو بن العاص.
وقبلته من الرخام الملون وبأعلاها سطر كوفى فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله ﷺ. وبأعلى ذلك برواز خشب به خمسة أسطر بالخط العربى لكنه لا يقرأ لمحو أغلبه، ويكتنفها أربعة عمد، وبأعلاها قبة خشب قديمة فيها مناور، وبجوار المحراب من الجهة الشرقية قبلة معمولة بالجبس عليها آيات من سورة البقرة مكتوبة بالجبس أيضا مع نقوشات نفيسة، ومنبره من الآثار القديمة العظيمة مكتوب عليه حفر فى الخشب: أمر بعمل هذا المنبر المبارك مولانا السلطان الملك المنصور حسام الدنيا والدين لاجين المنصورى فى عاشر المحرم سنة ست وتسعين وستمائة.
وعمده وطاراته من الطوب الأحمر والجبس فى غاية الإتقان، وفى الطارات والحيطان إزار من خشب عليه آيات قرآنية بالخط الكوفى تدل على أن هذا البناء لم يتغير عن أصله.
وله ثلاث مآذن: اثنتان فى الجهة القبلية من الطوب وسلاليمها من الداخل، والثالثة فى الجهة البحرية وهى من الحجر وسلمها من الخارج، وهذه غير مستعملة الآن وهى من بناء ابن طولون، والسياحون إلى الآن يقصدونها للفرجة ويعجبون منها.
وقد بيع من الجامع جزء من جهة شارع الزيادة بنى أملاكا، وجزء آخر منه بجوار الساقية قد جعل ورشة دبارة وهى تابعة لوقف حسام الدين لاجين.
وبداخل الجامع زاوية صغيرة متخربة بها ضريح الشيخ البوشى بجوار المنارة الحجرية، وله ساقية معينة وميضأة وأخلية.