مصنعا أحفل منه، ولا مرأى من البناء أعجب ولا أبدع منه، قدس الله العضو الكريم الذى فيه بمنه وكرمه انتهى.
وفى تاريخ الجبرتى: إن الأمير حسن كتخدا عزبان الجلفى وسع المشهد الحسينى، واشترى عدة أماكن بماله وأضافها إليه ووسعه، وصنع له تابوتا من آبنوس مطعما بالصدف مضببا بالفضة، وجعل عليه سترا من الحرير المزركش بالمخيش، ولما تمموا صناعته وضعه على قفص من جريد وحمله أربعة رجال، على جوانبه أربعة عساكر من الفضة مطليات بالذهب، ومشت أمامه طائفة الرفاعية بطبولهم وأعلامهم، وبين أيديهم المباخر الفضة وبخور العود والعنبر وقماقم ماء الورد يرشون منها على الناس، وساروا بهذه الهيئة حتى وصلوا المشهد ووضع ذلك الستر على المقام.
وكان الجلفى إنسانا خيرا له بر ومعروف وصدقات وإحسان، وكان/حسن الاعتقاد.
مات سنة أربع وعشرين ومائة وألف انتهى.
وفى كتاب إسعاف الراغبين فى أهل البيت الطاهرين، للشيخ محمد الصبان: إن هذا المشهد الحسينى القاهرى جدده الأمير الكبير عبد الرحمن كتخدا سنة خمس وسبعين ومائة وألف، وذكر قبل ذلك أن أصحاب السير والتواريخ اختلفوا فى رأس الحسين فى أى موضع دفن، فقيل: إنه دفن بعسقلان ثم نقله الصالح طلائع وزير الفاطميين إلى مصر، وبنى عليه هذا المشهد وأنفق على نقله مالا جزيلا. ومال قوم-منهم الزبير بن بكار والعلاء الهمدانى-إلى أنه حمل إلى أهله فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه وأخيه الحسن. وذهبت الإمامية إلى أنه أعيد إلى الجثة ودفن بكربلاء بعد أربعين يوما من المقتل، واعتمد القرطبى الثانى. والذى عليه طائفة من الصوفية أنه بالمشهد القاهرى. وذكر بعض أهل الكشف والشهود أنه دفن مع الجثة بكربلاء ثم ظهر الرأس بعد ذلك بالمشهد القاهرى، لأن حكم الحال فى البرزخ حكم إنسان تدلى فى تيار جارف فيطف بعد ذلك فى مكان آخر، فلما كان الرأس منفصلا طف فى هذا المحل من المشهد.
وفى كتاب مشارق الأنوار، فى فوز أهل الاعتبار، للشيخ حسن العدوى الحمزاوى، قال العلامة الأجهورى: الذى تواتر عن أهل الكشف، أن الرأس الشريف فى مشهده القاهرى بلا شك، لوجود هذه الروحانية والأنوار التى تبهر العقول. قال الشيخ عبد الفتاح الشهير بالرسام الشافعى فى رسالة له تسمى نور العين عن النجم الغيطى، عن الشمس اللقانى، عن أبى المواهب التونسى، أن الغوث الجامع يأتى كل يوم ثلاثاء فيزور هذا المشهد.