وفى عام اثنتين وسبعين تزوّج الشريفة رقبة بنت السيد أحمد بن حسن أبا هارون وولدت له السيد مصطفى سنة ثلاث وسبعين.
وفى سنة أربع وسبعين عاد إلى مصر بعياله صحبة الحج وألقى عصاه واستقر بها النّوى، وجمع حواسه لنشر الفضائل وأخلاها عن السوا، وهرعت إليه الفضلاء للأخذ عنه وتلقى هو عن الملّوى والجوهرى والحفنى وأخيه يوسف، وهم تلقوا عنه تبركا وصار أوحد وقته حالا وقالا مع تنويه الفضلاء به، وخضعت له أكابر الأمراء على اختلاف طبقاتهم لا ترد رسائله، ولا يرد سائله، وطار صيته شرقا وغربا. وفى أثناء هذه المدة تعددت له رحلات إلى الصعيد الأعلى وإلى طنتدا ودمياط ورشيد واسكندرية وفوّة وديروط، وزار سيدى إبراهيم الدسوقى ﵁، وله فى كل هؤلاء قصائد طنانة، ثم سافر إلى الشام فتوجه إلى غزة ونابلس، ونزل إلى دمشق وهرعت إليه/علماء لشام وأدباؤها، واجتمع بالوزير عثمان باشا فى ليلة مولد النبى ﷺ فى بيت السيد على المرادى، ثم رجع إلى بيت المقدس وعاد إلى مصر وتوجه إلى الصعيد، ثم عاد إلى مصر وزار السيد البدوى ﵁، ثم ذهب إلى دمياط كعادته فى كل مرة، ثم رجع إلى مصر ثم توجه إلى رشيد ثم إلى اسكندرية ثم منها إلى اسلامبول؛ فحصل له غاية الحظ والقبول وهرعت إليه الناس، ورتب له فى جوالى مصر كل يوم قرشان ولم يمكث بها إلا نحو أربعين يوما وركب منها إلى بيروت ثم إلى صيدا ثم إلى قبرص ثم إلى دمياط، وذلك سنة تسعين ثم دخل المنصورة ثم دخل مصر، وكان مدة مكثه فى الهند عشرة أعوام وحج سبع عشرة مرة، ومن قصائده فى مدح ابن عباس سنة تسع وخمسين:
قسما بسوسن خدّه ووروده … وبثغره الالمى وطيب وروده
وبعسجد من وجنتيه وفضة … من جسمه وبلؤلؤ فى جيده
وبأحمر من خده وبأسمر … من قده وبأبيض من سوده
وبنون حاجبه ونور جبينه … وضحى محياه وليل جعيده
إلى أن قال فى جواب القسم تخلصا من الغزل إلى المدح:
إن الملاح الغانيات بأسرها … من حسنه الأشهى كبعض عبيده
عشقى له وتغزلى فيه كما … مدحى لسامى الحب فى معبوده