للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابتنى بها دارا، وكان قارئا فقيها شاعرا له الهجرة والصحبة والسابقة، وكان صاحب بغلة رسول الله الشهباء التى يقودها فى الأسفار، وتوفى آخر خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين ودفن فى مقبرتها بالمقطم وكان يخضب بالسواد كما ذكره المقريزى.

وقال النووى فى تهذيب الأسماء واللغات: عقبة بن عامر سكن دمشق وكانت له دار فى ناحية قنطرة سنان من باب توما، وسكن مصر ووليها لمعاوية بن أبى سفيان سنة أربع وأربعين وتوفى بها سنة ثمان وخمسين، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن وشهد فتوح الشام، انتهى.

وترجمه الشهاب بن أبى حجلة التلمسانى وأفرده بالتأليف؛ فقال: انه السيد الإمام والسند الهمام عقبة بن عامر الجهنى المصرى صاحب رسول الله بعد قدومه المدينة الشريفة. وحكى عنه ابن عساكر بسنده إليه قال: «بلغنى قدوم النبى المدينة وأنا فى غنيمة لى فرفضتها وقدمت المدينة، فقلت: يا رسول الله بايعنى. قال: بيعة أعرابية أو بيعة هجرية، فبايعنى رسول الله وأقمت معه؛ فقال رسول الله :

ألا من كان ههنا من معدّ فليقم. فقام رجال فقمت معهم فقال: اجلس أنت. فصنع ذلك ثلاث مرات، فقلت: يا رسول الله أما نحن من معد؟ قال: لا. قلت: ممن! قال: أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير». ولازم النبى ، وكان من أصحاب الصّفة ومن خدّام النبى ، وصاحب بغلته يقودها بحضرته الشريفة فى الأسفار. وصدر من النبى فى بعض العقبات أنه نزل عن بغلته وأمر عقبة بالركوب ومشى . وقد شهد فتوح مصر والشام وكان هو البريد إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فى فتح دمشق، ووصل المدينة الشريفة فى سبعة أيام ورجع منها فى يومين ونصف ببركة دعائه عند قبر النبى وتشفعه به فى تقريب طريقه.

وكانت مدة ولايته بمصر ثلاث سنوات وبنى بها دارا وكان من الثمانين صحابيا الذين وقفوا على قبلة جامع سيدنا عمرو بن العاص .

وتوفى آخر خلافة سيدنا معاوية بن أبى سفيان فى اليوم الذى توفيت فيه سيدتنا عائشة يوم الأربعاء ثامن شعبان