للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقراءة القرآن عدة من الناس، ثم تفاحش الجمع وأقبل النساء والأحداث والغوغاء فصار أمرا منكرا لا ينصتون لقراءة ولا يتعظون بمواعظ، بل يحدث منهم على القبور ما لا يجوز ثم زادوا فى التعدى حتى حفروا ما هنالك خارج القبة من القبور وبنوا مبانى اتخذوها مراحيض وسقايات ماء ويزعم من لا علم عنده: أن هذه القراءة فى كل ليلة سبت عند قبر الليث قديمة من عهد الإمام الشافعى وليس ذلك بصحيح، وإنما حدثت بعد السبعمائة من سنى الهجرة بمنام ذكر بعضهم أنه رآه، وكانوا إذ ذاك يجتمعون للقراءة عند قبر أبى بكر الادفوى انتهى.

وفى رحلة النابلسى قال: ذهبنا إلى زيارة الإمام أبى المكارم الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهرى أبى الحرث المصرى أحد الأعلام، ومكانه مكان عظيم عليه الهيبة والوقار وعلى قبره قبة معقودة بالأحجار، وبجواره حارة وبيوت يسكنها الناس وتحكى عنه الكرامات/الكثيرة؛ فوقفنا عند قبره وقرأنا الفاتحة ودعونا الله تعالى ومدحنا المقام بأبيات (١)، ثم خرجنا من ذلك المكان وزرنا فى خارجه الولى المشهور بأبى الظهور فى قبة مستقلة عظيمة وهيبة وافرة، وزرنا أيضا فى قبة أخرى يحيى الشبيه الولى الكامل، ثم ذهبنا إلى مزار الولى الجليل العارف بالله تعالى الشيخ عدى بن مسافر .

وفى سنة أربع وتسعين ومائتين وألف أجرى إسماعيل بيك ابن المرحوم راتب باشا الكبير عمارة بمشهد الإمام الليث فجدد بالقبة إيوانا بقناطر من الحجر وكذلك بالجامع، ورفع أرض القبة وفرشها بالبلاط وكذا داخل المقصورة، وكان سقف الجامع منخفضا وكان من أفلاق النخل فأزاله ورفع البناء، وجعل السقف من الخشب النقى وصبغ جميع ذلك بالبوية، ووسع محل القهوة وغير سقفها البوص بسقف من الخشب، وجدد بجوار الجامع خلوة بابها فى الجامع لحفظ مهماته ولأبيه مرتب من الجراية فى مقرأته كما له فى أغلب مقارئ مصر.

وقد ذكرنا جملة من ترجمة الإمام الليث فى الكلام على قلقشندة لما قيل: أنه ولد بها. وكانت ولادته سنة أربع وتسعين، ومات يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، وقيل: خمس وستين ومائة وتوفى يوم الخميس.

وقيل: يوم الجمعة فى منتصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة.


(١) أولها:
بأبى المكارم سيد السادات … وهو الإمام الليث ذو البركات
لما تزل مصر وسائر أهلها … فى نعمة وعناية وهبات
راجع: (الحقيقة والمجاز فى الرحلة إلى بلاد مصر والشام للنابلسى ص ١٩٩).