للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبها ثمانية شبابيك من النحاس ومنبره مشغول بالصدف، وخارج المقصورة من الجهة اليسرى فى نهاية الرحبة مدفن الأمير محمد بيك أبى الذهب عليه مقصورة من النحاس الأصفر، وعلى القبر تركيبة من الرخام عليها نقوش فيها آيات قرآنية، وعلى أحد الشاهدين هذه الأبيات:

هذا مقام عزيز مصر أميرها … عين الأكابر ذى العلا والسودد

أعنى أبا الذهب الذى فى عصره … كانت له الأقطار فى طوع اليد

تجرى على طول المدى صدقاته … بدروس علم أو عمارة مسجد

فسحائب الرحمات يصحبها الرضا … تهمى عليه فى المساء وفى الغد

والحور فى المأوى له قد أرخت … دار الكرامة مسكن لمحمد

وعلى الشاهد الآخر:

يا واقفين بقبرنا … لا تعجبوا من أمرنا

بالأمس كنا مثلكم … وغدا تكونوا مثلنا

وبجواره قبر ابنته عديلة هانم زوجة إبراهيم بيك الألفى، وبجوار ذلك خزانة الكتب.

ثم ان هذا الجامع كان أصل إنشائه برسم مدرسة وهو إلى الآن يدرس فيه كثيرا.

ففى تاريخ الجبرتى من حوادث سنة تسع وثمانين ومائة وألف: أن الأمير محمد بيك أبا الذهب شرع فى آخر سنة سبع وثمانين ومائة وألف فى بناء مدرسته التى تجاه الجامع الأزهر، وكان محلها رباعا متخربة فاشتراها من أربابها وهدمها وأمر ببنائها على هذه الصفة، وهى على مثال جامع السنانية الكائن بشاطئ النيل ببولاق، فرتب لنقل الأتربة وحمل الجير والرماد والطين عدة كبيرة من قطارات البغال، وكذلك الجمال لشيل الأحجار العظيمة كل حجر واحد على جمل، وطحنوا لها الجبس الحلوانى المصيص ورموا أساسها أوائل شهر الحجة ختام السنة المذكورة، ولما تم عقد قبتها العظيمة وما حولها من القباب المعقودة على الأواوين وبيضوها نقشوا داخلها بالألوان والأصباغ، وعملوا لها شبابيك عظيمة كلها من النحاس الأصفر المصنوع، وعمل بظاهرها فسحة مفروشة من الرخام المرمر، وبوسطها حنفية وبدائرها مساكن للصوفية الأتراك، وبداخلها عدة كراسى راحة وكذلك بدورها العلوى، وبأسفل ذلك ميضأة عظيمة تمتلئ بالماء من