وأنشأ الجامع والرباط تجاه عابدين وجامع أبى السعود الجارحى ومسجد شرف الدين الكردى بالحسينية والمسجد الذى بخط الموسكى، وبنى للشيخ الحفنى دارا بجواره وجعل لها بابا يوصل إليه وعمر المدرسة السيوفية المشهورة بالشيخ مطهر بخط باب الزهومة وبنى لوالدته بها مدفنا. وأنشأ خارج باب القرافة حوضا وسقاية وصهريجا، وجدد المارستان المنصورى وهدم أعلى القبة الكبيرة المنصورية والقبة التى كانت من خارج الفسحة ولم يعد عمارتها، بل سقف قبة المدفن فقط وترك الأخرى مكشوفة، ورتب له خيرات زيادة عن البقايا القديمة.
ومن عمائره دار سكنه التى بحارة عابدين وكانت من الدور العظيمة المحكمة الوضع وإنشاءاته كثيرة جدا حتى اشتهر بذلك، وسمى صاحب الخيرات والعمائر فى مصر والشام والروم.
وعدد المساجد التى أنشأها وجددها وأقيمت بها الجمعة والجماعة ثمانية عشر مسجدا غير الزوايا والمدارس والأسبلة والسقايات والمكاتب والحيضان والقناطر والرباطات والجسور.
وكان له فى هندسة الأبنية وحسن وضع العمائر ملكة يقتدر بها على ما يرومه من الوضع من غير مباشرة ولا مشاهدة، ولو لم يكن له من المآثر إلا ما أنشأه فى الجامع الأزهر والمشهد الحسينى والزينبى والنقيسى لكفاه شرفا، ولم يزل هذا شأنه إلى أن عظم أمر على بيك وأخرجه منفيا إلى الحجاز وذلك فى أوائل شهر القعدة سنة ثمان وسبعين ومائة وألف فأقام بالحجاز اثنتى عشرة سنة، ثم لما سافر يوسف بيك أميرا بالحج صمم على إحضاره معه إلى مصر فأحضره وذلك فى سابع شهر صفر سنة تسعين ومائة وألف، ثم استولى عليه المرض فمكث فى بيته مريضا أحد عشر يوما ومات، وخرجوا بجنازته فى مشهد حافل حضرها العلماء والأمراء والتجار ومؤذنو المساجد وأولاد المكاتب، وصلى عليه بالأزهر ودفن فى مدفنه الذى أعده لنفسه بالأزهر عند الباب القبلى غير أنه - عفا الله عنه - كان يقبل الرشا ويتحيل على مصادرة بعض الأغنياء فى أموالهم واقتدى به فى ذلك غيره حتى/صارت سنّة مقررة وطريقة مسلوكة ليست مستنكرة.
وكان رحمه الله تعالى مربوع القامة أبيض اللون مسترسل اللحية ويغلب عليها البياض معجبا بنفسه يشار إليه بالبنان انتهى باختصار.