وقال فى ذكر المشاهد: لما توفيت السيدة نفيسة ﵂ دفنت فى منزلها وهو الموضع الذى به قبرها الآن ويعرف بخط درب السباع ودرب بزرب، وأراد زوجها إسحاق بن الصادق أن يحملها ليد فدفنها بالمدينة فسأله أهل مصر أن يتركها ويدفنها عندهم لأجل البركة.
قيل: أنهم جمعوا له اثنى عشر ألف درهم فتركها مدفونة عندهم، وقبرها أحد المواضع المعروفة بإجابة الدعاء بمصر، وهى أربعة: سجن نبى الله يوسف الصديق ﵊، ومسجد موسى صلوات الله عليه، وهو الذى يطرا، ومشهد السيدة نفيسة ﵂، والمخدع الذى على يسار المصلى فى قبلة مسجد الأقدام بالقرافة.
فهذه المواضع لم يزل المصريون ممن أصابته مصيبة أو لحقته فاقة أو جائحة يمضون إلى أحدها فيدعون الله تعالى فيستجاب لهم مجرب ذلك.
ويقال: أنها حفرت قبرها هذا بيدها وقرأت فيه مائة وتسعين ختمة: ثم قال:
وذكر غير واحد من علماء الأخبار بمصر: أن هذا قبر السيدة نفيسة ﵂ بلا خلاف، وقد زار قبرها من العلماء والصالحين خلق لا يحصى عددهم.
ويقال: أن أول من بنى على قبر السيدة نفيسة عبيد الله بن السرى بن الحكم أمير مصر، ومكتوب فى اللوح الرخام الذى على باب ضريحها وهو الذى كان مصفحا بالحديد بعد البسملة ما نصه: ﴿(نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ)﴾ (١) لعبد الله ووليه معد أبى تميم الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين أمر بعمارة هذا الباب السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الأنام كافل قضاة المسلمين وهادى دعاة المؤمنين عضد الله به الدين وأمتع بطول بقائه المؤمنين وأدام قدرته وأعلى كلمته، وشد عضده بولده الأجل الأفضل سيف الإمام جلال الإسلام شرف الأنام ناصر الدين خليل أمير المؤمنين، زاد الله فى علائه وأمتع المؤمنين بطول بقائه فى شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
والقبة التى على الضريح جددها الخليفة الحافظ لدين الله فى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وأمر بعمل الرخام الذى بالمحراب اه.