للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله كلام عال فى الأدب ووصايا نفيسة نحو مجلدات ألخصها لك فى هذه الأوراق بذكر عيونها الواضحة وحذف الأشياء العميقة؛ لأن الكتاب يقع فى يد أهله وغير أهله فأقول وبالله التوفيق، ثم ساق جملة من كلامه البحر الخضم الذى ليس له ساحل ونحن نذكر من ذلك طرفا من واضحه فنقول:

كان يقول: مولدى سحر ليلة الأحد حادى عشر محرم سنة إحدى وستين وسبعمائة وتوفى سنة إحدى وثمانمائة كما قيل.

وكان يقول فى حديث ليلة الإسراء: فدخلت فإذا أنا بآدم أى فإذا أنا فى صورة حقيقة آدم وناطق بناطقته. وكذلك القول فى جميع من رآه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تلك الليلة فصرح بأنه ظهر بصور حقائق الكل وجميع نواطقهم وزاد عليهم بما زاد ونحن الوارثون لرقائقهم.

وكان يقول: أولوالعزم من الرسل سبعة وهم: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى عليهم الصلاة والسلام وأطال فى السر فى ذلك.

وكان يقول: إنما كانت شريعة محمد لا تقبل النسخ لأنه جاء فيها بكل ما جاء به من تقدمه وزيادة خاصة، ونزلت شريعته من الفلك الثامن المكوكب فلك الكرسى وهو فلك ثابت فلذلك قبلت شرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام النسخ دون شريعته وأطال فى ذلك.

وكان يقول: من أعجب الأمور قول الحق لموسى : ﴿(لَنْ تَرانِي)(١) أى مع كونك ترانى على الدوام فافهم.

وكان يقول فى قول الجنيد: لون الماء لون إنائه. حين سئل عن المعرفة والعارف هو على قسمين: أحدهما أن الماء على لون وإناؤه لا لون له كالأوانى الشفافة الساذجة من الصبغ فيكون الإناء مشهودا على لون مائه. والثانى عكسه فيكون الماء مشهودا على لون إنائه. وفى الأول المشهود هو لون الماء والوهم فى تشبهه فى الإناء والثانى عكسه، فليس التحقيق إلا فى الافراد كل حقيقة بنفسها فى كل مقام بحسبه فافهم.

وكان يقول فى قوله تعالى: ﴿(أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ)(٢)، أى: كإحاطته فيما هو البحر بأمواجه معنى وصورة فهو حقيقة كل شئ وهو ذات كل شئ وكل شئ عينه وصفته فافهم.

وكان يقول: من لم يشهد إلا واحدا فليس عنده زائد، ومن لم يشهد إلا حقا فاعل


(١) يشير إلى قوله تعالى: (قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي) سورة الأعراف: ١٤٣.
(٢) سورة فصلت: ٥٤.