وأنعشه روضه النضير، وظله الوريف، فرغبت نفسه الشريفة، وتعلقت آماله المنيفة، وصدر أمره الكريم بطبعه، رغبة فى عموم نفعه، فبودر إلى امتثال أمره الكريم، وأجرى طبعه حسب مرغوب جنابه الفخيم بالمطبعة الكبرى العامرة ببولاق مصر القاهرة، الشائع فضلها فى جميع الأنحاء والأقطار، الشهير صيتها وحسنها، والسارى عموم نفعها فى سائر الجهات سريان الليل والنهار، وذلك لشدة شغفه، أدام الله دولته وكثرة شوقه إلى تأليف كتاب فى عهده، يبين خطط مصر الجديدة، ويشرح حالها، ويذكر تواريخ أهلها، ويوضح ما عليها وما لها، ولما جبلت عليه نفسه الزكية، وشيمته الطاهرة المرضية، من حب المساعى الخيرية، والمبادرة إلى الأفعال البرّية.
فانه، أطال الله حياته، مجبول على حب الطاعة وفعل الخير والتواضع، والشفقة على عباد الله، والرحمة للضعفاء والمساكين، فطالما كان يدخل المستشفيات فى مصر والإسكندرية، ويصافح المرضى بنفسه، ويصبرهم ويدعو لهم بالشفاء، ويعدهم بذلك من فضل الله تعالى، ويأمر الأطباء بالرأفة والشفقة على المرضى، ويحثهم على المواظبة على عياداتهم، والصدق فى مداواتهم، وعدم التكبر والتأخر عن أحد دعوا إليه؛ كبيرا أو صغيرا، عظيما أو حقيرا.
وهو مولع بحب المساجد، والصلاة فيها، والإقبال بهمته على عمارتها، خصوصا مساجد أهل البيت ﵃، فانه - أيده الله - حث على عمارة مسجد سيدنا الإمام الشافعى ﵁ التى صدر أمره الكريم بها سنة ١٣٠٣، وحضر بنفسه يوم وضع أساسه، وكان يوما عظيما مشهودا، ووضع أول لبنة فى أساسه بيده الشريفة، اعتناء بهذا المسجد الشريف، وحبا فى سيدنا الإمام ﵁، وكذلك مسجد سيدتنا السيدة زينب، بنت سيدنا الإمام على ﵁، وكرم وجهه، الكائن عند قناطر السباع، الذى جرى تجديده فى عهد الحضرة الفخيمة الخديوية التوفيقية أدام الله أيامها.
وبالجملة فعزيزنا - حفظه الله - سيد أهل هذا الزمان حقا، وبهجة هذا الوقت جميعه، يقينا وصدقا، نسأل الله تعالى أن يديم على رعيته أيامه، ويوالى عليهم بره وإنعامه، وأن يصلح له وبه الأحوال، ويكثر به الخير فى الحال والمآل، بجاه سيدنا ومولانا محمد الرؤوف الرحيم، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.