وفى سنة إحدى وثلاثين طلب للفتوى فى أمر مهمّ وذلك: أن اليهود فى سنة ثلاث وعشرين بنوا دربا جديدا بقرب بيعتهم، وسوّروه بسور حصين وكان بداخله بيوت للمسلمين؛ فحكم المترجم على اليهود بعدم استحقاقهم ذلك السور، وحكم بهدمه فهدم، ثم عزل من وظيفته القضاء وخلفه علم الدين صالح البلقينى وبعد سنة رجع إليها واستمر فيها إلى سنة أربعين، ثم عزل وخلفه علم الدين صالح المذكور، ثم عزل ورجع إليها سنة إحدى وأربعين وفى هذه السنة توسط عند السلطان وخلّص القاضى بهاء الدين ابن عز الدين عبد العزيز بن البلقينى من تهمته؛ بأنه أفحش فى جارية بعد ضربه وإشهاره.
وفى سنة سبع وأربعين اشتغل بتأليف تاريخه، ثم عزل فى سنة ثمان لكن رضى عنه وخلع عليه خلعة الرضا، وفى هذه السنة أصيب بالطّاعون، ثم عزل فى سنة تسع وخلفه الشيخ شمس الدين القاياتى، ثم مات القاياتى فى تلك السنة فعاد المترجم إلى الوظيفة ولم يمكث فيها إلا قليلا وعزل وخلفه علم الدين صالح البلقينى، ومن حينئذ انقطع للتأليف حتى مات بعد أن مرض شهورا، وذلك يوم السبت لثمان وعشرين من شهر ذى الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وصلى عليه فى مصلى بكتمر المؤمنى بالرميلة ودفن بالقرافة، وحضر جنازته السلطان الملك جقمق والخليفة المستكفى بالله سليمان والقضاة والعلماء والأمراء وكثير من العالم يبلغ عددهم نحو خمسين ألفا ورثاه كثير من العلماء وغيرهم.
وقال ابن إياس: إن له أكثر من مائة مؤلّف وذكر أبو المحاسن من ذلك: كتاب تعليق التعليق، وكتاب فتح البارى على صحيح البخارى فى عشرين مجلدا، وكتاب فوائد الاحتفال فى بيان أحوال الرجال، وكتاب تجريد التفسير، وكتاب الإصابة فى تمييز الصحابة، والمعجم، وطبقات الحفّاظ، وكتاب قضاة مصر، وكتاب الدرر الكامنة فى المائة الثامنة، وكتاب الأعلام بمن ولّى مصر فى الإسلام، وكتاب السبع السيارات النّيرات، وتاريخ إنباء الغمر فى أنباء العمر يخص مصر والشام، وله غير ذلك انتهى.
وقال السيوطى فى حسن المحاضرة: ابن حجر إمام الحفّاظ فى زمانه شهاب الدين أحمد بن على الكنانى العسقلانى ثم المصرى، عانى الأدب وتعلم الشعر فبلغ فيه الغاية، ثم