للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صعد بعسكره إلى مدينة الإسكندرية، فلما رآه أهلها لا يوقر ملكهم، غضبوا وهجموا على عساكره، فقتلوا منهم جملة فى طرق المدينة، فعظم ذلك على (قيصر) وتحفظ على نفسه إلى أن تحضر العساكر-التى أمر بحضورها من جهة آسيا-للقصاص من أهل الإسكندرية، ولأخذ حقوق الرومانيين منهم بناء على وصية (بطليموس) المتوفى، وفصل النزاع بين الأخ وأخته فى الحكومة، وأمر بترك القتال، وطرد العساكر، وإحضار الأخ وأخته ليفصل بينهما، فلم يرض بذلك (قوتان) وكيل (بطليموس) حتى يصير رشيدا، وظن أنه يقدر على طرد قيصر وعساكره، وأرسل سرا إلى العساكر التى بالطينة لينجدوه. ولما حضروا، وبلغه قدرها، علم أنه لا يقدر على مقاومتها، فتحصن بالمكان الذى كان به مع عساكره، وحبس نفسه منتظرا حضور العساكر الشامية لنجدته.

وأما (أشيلاس) فوقع بينه وبينهم واقعات كثيرة، حرق فيها جزء عظيم من الكتبخانة الكبرى التى جمعتها البطالسة فى المدد الماضية. وأما كليوباترا فلم تتأخر عن شئ يوصلها إلى قيصر، وبذلت له المال وعرضت نفسها عليه، وكانت ذات جمال، فتعلق بها وواقعها فحملت منه، وأتت بغلام وسمته (قيصروم (١) فمال إليها قيصر، ودافع عنها، وكان لكليوباترا هذه أخت تسمى (أرستوى (٢) وكانت متحدة بأحد الأمراء، فحصل منه-تحت ظل اسمها- أمور غيرت قلوب الأهالى، فعرفوا أن مقصودهما زيادة اشتعال النار؛ لتخلو لهما الدار.

ومن طول مدة الحروب تعطلت تجارتهم، وكثرت المصائب، وزاد اشتعال نار البغضاء بين بطليموس وأخته، وصار قيصر يقلّب عليهم جميع أنواع الحيل، التى لم تفده شيئا، وأخيرا صار الاتفاق معه على أن يطلق ملكهم (بطليموس) فرضى بذلك وأطلقه، فلم يسع بعد الاطلاق فى إخماد نار الفتن بل ازدادت. وكانت العساكر التى طلبها (قيصر) حضرت، فقصدها قيصر بعساكره لينضم لها، فتوسط بينهما (بطليموس) ليمنعهما عن الانضمام، فوقعوا وقعة قتل فيها كثير من الطرفين، وهزمت العساكر المصرية، وقتل/ (بطليموس) غريقا سنة ٤٧ قبل الميلاد، وبقى (قيصر) متصرفا فى مصر جميعها بما فيها الإسكندرية، وأقام كليوباترا ملكة مع أخيها، فما رضيت، وطلبت منه أن يرسله إلى جزيرة رودس،


(١) الصحيح «قيصرون». انظر: ابراهيم نصحى: تاريخ مصر فى عصر البطالمة، ج ١، ص ٢٨٧، ط ٣، القاهرة ١٩٦٦.
(٢) الصحيح «أرسنوى». المرجع السابق، ج ١، ص ٢٨٦.