للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يمر أحد ببلد إلا اتهمه أهلها بأنه من أتباعه، وعاقبوه بالضرب، والقتل، ونهب المال، فصار هذا لم يسمع بمثله فى مدة عبادة الأوثان ولا فى غيرها.

وفى عقب فتنة من الفتن، صدرت أوامر من القيصر (طيوروز) (١) سنة ٣٨٨ من الميلاد، بهدم جميع المعابد القديمة بمدينة إسكندرية، وأخذ ما فيها من حلىّ الذهب والفضة، وإعطائه للكنائس.

والفرق التى ظهرت بعد فرقة (أريوس)، وهى فرقة (نستيربوس (٢)، ومن اعتقادها: أن جوهر عيسى ، مركب من جوهرين: إلهى، وبشرى، وأن العذراء ليست والدة له.

وفرقة (أنتيشيس)؛ وهذه تجعل الجوهر الإلهى والبشرى واحدا فى المسيح .

وفرقة (المونوفيزتية)، وهذه لا تجعل للمسيح غير إرادة واحدة، وقد انضم لها القيصر (هيراكليوس) وانتصر لها، وجعلها المعتمدة فى جميع جهات مملكته، وألف كتبا فى ذلك، ونشرها بين الناس، وشغل جميع أوقاته فى ذلك، وترك أحوال المملكة وسياستها.

وهو-وإن كان أصله من طائفة العسكر، وخلّص الملك من يد الظالم (قوكاس (٣) وتولى مكانه-إلا أنه كان يكره الحرب بطبعه، فأهمل أمر الجيوش حتى تلاشت قوة المملكة، وطمع فى ملكه خسرويه-ملك الفرس-وزحف بعساكره، وأخذ من ملكه عدة ولايات منها: مصر، والشام، وبلاد فلسطين، وذلك سنة ٦١٦، فخاطبه (هيراكليوس) فى الصلح، ورضى أن يفرض له على نفسه جزية، فلم يقبل خسرويه منه ذلك، وزحف على بيت المقدس وأخذه، ونقل خشبة الصليب منه إلى بلاده، وطلب من (هيراكليوس) ورعاياه أن يتركوا الديانة العيسوية، ويتدينوا بديانة الفرس. فغضب (هيراكليوس) وجرد جيوشه، وتلاطم مع خسرويه فكسره وأخذ منه الخشبة، ورجع إلى بلاده، واشتغل


(١) الصحيح «ثيودوسيوس». انظر: اضمحلال الإمبراطورية الرومانية، ج ١، ص ٤٩٩، ج ٢، ص ٥١٠،٢٤٧، ٥١٣.
(٢) الصحيح «نسطوريوس». انظر: المرجع السابق، ج ٢، ص ٥١٣،٥٠٨،٥٠٣،٥٠٢.
(٣) الصحيح «فوقاس». انظر: سعيد عاشور، أوروبا العصور الوسطى، ج ١، ص ١٠٧ - ١٠٩، ط ٣٠ القاهرة ١٩٦٤.