للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوقعوا التساهم على ما زادت فيه الرغبات، وكانوا ينتقلون فيها ويتداولونها على حسب غلبة بعضهم لبعض.

ودام ذلك بينهم خمس أو ست سنوات، ثم قصّر النيل، فغلت الأسعار غلوا بدد شملهم، وفرق ائتلافهم، وأوقع الله تعالى بينهم العداوة والبغضاء، فقتل بعضهم بعضا حتى بادوا وعفت آثارهم، فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.

ثم وقع فى أيام المستنصر-أيضا-الغلاء الذى فحش أمره، وشنع ذكره، ومكث بمصر مدة سبع سنين، وسببه: ضعف السلطنة واختلال أحوالها، واستيلاء الأمراء عليها، وتوالى الفتن بين الأوغاد، وعدم علو النيل، وعدم من يزرع ما شمله الرى، وكان ابتداء ذلك سنة ٤٥٧، فعلا السعر، وتزايد الغلاء وأتى عقبه الوباء، حتى تعطلت الأراضى من الزراعة، وعمّ الخوف وخيفت السبل برا وبحرا، وجاعت الناس، وعدم القوت، حتى بيع رغيف خبز-فى سوق القناديل من الفسطاط -بخمسة عشر دينارا، وأكلت الكلاب والقطط حتى قلّت، وبيع الكلب بخمسة دنانير، وتزايد الحال حتى أكل الناس بعضهم بعضا.

/وكانت طوائف تجلس بأعلى بيوتها، ومعهم حبال فيها كلاليب، فإذا مر بهم أحد، ألقوها عليه، وأخذوه فى أسرع زمن، وشرّحوا لحمه وأكلوه.

ثم آل أمر المستنصر إلى أن باع كل ما فى قصوره من ذخائر، وثياب، وسلاح وغيره، وصار يجلس على حصير، وتعطلت دواوينه، وذهب وقاره، وكانت نساء القصور يخرجن ناشرات شعورهن ويصحن: الجوع الجوع، يردن المسير إلى العراق، فيسقطن عند المصلى، ويمتن جوعا. واحتاج حتى باع حلية قبور آبائه.

وجاء الوزير يوما-على بغلته-فأكلتها العامة، فشنق طائفة منهم، فاجتمع الناس عليهم فأكلوهم. وأفضى الأمر إلى أن عدم-المستنصر نفسه-القوت.