المذكور ووافقه على ذلك، وصار يجمع الرجال، ويغدق عليهم المال حتى اجتمع حوله نحو ستين ألف مقاتل.
وأرسل محمد بيك أبا الذهب، فاستولى على مكة والبلاد الشامية، وكان ما صرفه على تجريد مكة-خاصة-ستة وعشرين مليونا من الفرنكات، وهى تعدل خمسمائة وعشرين ألف كيس من الدراهم، فما بالك بما صرف على غيرها فاشتد الكرب وقحط الناس سنتين أولاهما: سنة ١٧٧٠، ولم يعد عليه من ذلك أدنى فائدة، بل كان منبع المصائب التى غرق فى بحرها؛ فإن أبا الذهب لما التقى بجيش الدولة فى حلب وغلبهم، اجتمع برئيسهم عثمان باشا فوعده ومنّاه بإمرة مصر، وأراه أن الإلحاق بالسلطنة أقرب لمقصوده من الإلحاق بأحد أتباعها، وذكر له أمورا حوّلته عن صداقته لسيده وأصل غرس نعمته، فقام وعزم على الرجوع إلى مصر، فلحقه شيخ العرب ضاهر، ولامه على ما حصل منه، فلم يصغ لقوله وكر راجعا، وكان قد بلغ سيده ما حصل فصمم على الانتقام منه، فلم يتيسر له ذلك بما رآه من كثرة جيشه، فكتم الأمر إلى أن تلوح له فرصة، فلم ير طريقا غير الغدر-وإن كان وقع فيه فيما بعد-لأنه لما أصدر أمره بغلق أبواب القاهرة، وقتل كل من يخرج من المماليك، خرج محمد بيك فلم يتعرض له أحد؛ ظنا منهم أنه خارج لمأمورية من طرف على بيك، فتخلص وذهب إلى الصعيد، ونزل على أيوب بيك، فأكرم نزله.
ولم يدر أن هذا الإكرام ربما يكون خداعا، فإن أيوب بيك من رجال على بيك، وبقى عنده، وكان أيوب يخاطب على بيك، فوقعت مكاتبته فى يد محمد بيك، فأخذه وقطع لسانه ويده وأرسله إلى القاهرة.
ثم جمع المتشتت من المماليك والهّوارة-رجال همّام الذى قتل بسبب قيامه مدة على بيك-وقصد بهم مصر، فقابله على بيك بجيش من المماليك.
ولخوفه وعدم اعتماده على/صداقة إسماعيل بيك-أمير جيشه-خرج بعياله من