للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رونقها، وأحاطها بالأسوار، وحصنها بأمنع الحصون وحدودها من الشمال إلى الجنوب، منحصرة بين البحر وبحيرة مريوط.

ويستفاد من كلام (استرابون) أن هذا الجزء من الأرض كان أقل مما هو عليه الآن، فإن الانتقالات التى حصلت لهذه المدينة-من الثروة والعز-تسبب عنها ردم بعض مواضع، كانت مغطاة بالماء والبناء فوقها.

وكان طول المدينة من الشرق إلى الغرب، قريبا من خمسة آلاف وستمائة متر، وعرضها من الشمال إلى الجنوب ثلث الطول تقريبا.

ومن حيث أن موقعها بين البحر وبحيرة مريوط، كان شكلها ذا أربعة أضلاع غير منتظم، ولذلك شبهه الأقدمون بشكل البرنس المقدونى، جريا على العادة القديمة من تشبيه صورة الإقليم أو المدينة بشئ يناسبها.

وكان على يمينها وشمالها حفرتان فى البحر: إحداهما بجانبها الغربى، وثانيتهما بجانبها الشرقى، وبينهما لسان من الأرض طوله سبع غلوات، يوصل إليها بجزيرة صغيرة، كان الأقدمون يسمونها جزيرة خاروس (١) /والآن هى رأس التين، وهذا اللسان كان قنطرة للعبور، وفيه عيون لتوصيل الماء من الأرض إلى الجزيرة، وكان فيه فتحتان: إحداهما بجانب الجزيرة، والأخرى بجانب الأرض، وكانتا مستعملتين لمرور المراكب من مينا إلى أخرى.

والمينا الغربية كانت متصلة بالبحيرة، وهذه متصلة بالنيل بخليج.

وبهذه الكيفية الحسنة، سهلت الملاحة فى تلك المدينة وسائر بلاد القطر، فكانت مينتها مملوءة بالمراكب جميع أوقات السنة، حتى قال (استرابون) إنه لم يكن مثلها فى جميع مين الدنيا.

وداخل المدينة كان فى غاية الانتظام، من حيث التخطيط، كما هو عادة المدن التى تتأسس على رغبة ملك أو أمة من الأمم، بخلاف المدن التى أوجب اتساعها حوادث الأيام.


(١) هى جزيرة فاروس، وكانت تقع شمالى الإسكندرية بنحو ميل ويبلغ طولها حوالى ثلاثة أميال. اظر: تاريخ مصر فى عصر البطالمة، ج ٢، ص ٢٧٩،٢٧٥ - ٢٨٠.