والمسافر من إسكندرية فى خليج شيديا، بعد أن يجاوز إيلزى بثلاثة آلاف وخمسمائة متر، يرى عن شماله فم ترعة كانت تخرج من خليج شيديا، محاذيا لكثبان الرمل التى بنيت عليها نيكوبوليس، ثم بعد ذلك تنتهى عند مدينة قانوب.
وكانت قرية شيديا على بعد أربعة وعشرين فرسخا من إسكندرية، بناء على ما ذكره (استرابون) وغيره، وكانت كثيرة العمران تقرب من أن تعدّ من المدن لكثرة أهلها، وكانت مركزا لأخذ الجمرك من المراكب الحادرة والمقلعة، ولذا قال (استرابون) إنه كان هناك قنطرة من المراكب على النهر واسم القرية مستعار من اسم القنطرة.
ويظهر من قول (استرابون) هذا أن شيديا كانت على فرع قانوب، وعلى بعد ١٦٠ أستادة من إسكندرية، لأن الشى (١) عبارة عن ٤٠ أستادة على قول المؤلف المذكور.
وقد قاس محمود بيك البعد من القرية المعروفة بالنشوة الجديدة، إلى إسكندرية/فظهر له أن هذه القرية يوافق محلها محل قرية شيديا، وأن بينها وبين إسكندرية ٢٧ كيلومترا، فعلى ذلك تكون التلول الممتدة بقرب القرية فى طول ١٨٠٠ وعرض ٥٠٠ متر، وقرية نشوة التى فى وسطها هى آثار هذه المدينة، وأن فرع النهر كان فى أسفل هذه التلول جهة الجنوب، ممتد إلى قريب من ٢٠٠٠ متر، يعنى قريبا من الكيريون وأن خليج الإتكاوية فى محله.
ويحقق ذلك ما نقله (استرابون) عن (بركوب) من أن النيل كان يأتى إلى ناحية (كيرو)، وهى قريب من ناحية شيديا على بعد ٢٠ ميلا من إسكندرية، وكان يخرج من هذا الموضع خليج إسكندرية، والنيل ينعطف إلى الشمال ويفارق أرض الإسكندرانيين، ويكون المحل المسمى (كيرو)، فى العبارة السابقة، هو الكاريون لأن البعد من هذا المحل إلى إسكندرية على الخرطة باتباع اعوجاج الخليج قريب من ٢٩ كيلو ونصفا، وهو قريب من العشرين ميلا، التى عينها (بركوب).
(١) هكذا فى الأصل، وفى ص ١٤٨ من رسالة محمود الفلكى عن الإسكندرية القديمة (الشوين. (Schoene