وبسط الكلام على الخليج القديم وترعة المحمودية، مذكور فى تاريخنا لمصر فليرجع إليه من أراد الوقوف عليه.
ولأهمية ميناء الإسكندرية بواسطة أنها أعظم الثغور، وعليها تردد السفن بالبضائع وغيرها من جميع الأقطار، التفت إليها العزيز فوجدها غير كافية للمصالح، إذ لم يكن بها مواضع تكفى الصادر والوارد من التجارات، ولا أماكن لتحصيل الجمرك، ولا ترسانة لإنشاء المراكب وترميمها، ووجد مراكب التجارات لا تصل إلى البر لعدم عمق مياه المينا، وذلك موجب لمشقات ومصاريف جسيمة فى الشحن والتفريغ، فأمر بجلب كراكات من البلاد الأورباوية لأجل تعميقها، واشترى من جانبيها بعض أماكن من خط الصيادين، وهدمها لأجل توسيعها وذلك سنة ١٢٤٢ هجرية، أعنى سنة ١٨٢٩ ميلادية، فكان من ضمنها بيت يقال له: بيت البطاس، وهو جد الشيخ محمد المهدى لأمه، وكان التصميم على البناء فى ٩ شهر يونيه الإفرنجى من السنة المذكورة، وفى ذلك اليوم صار شروع العساكر فى حفر الأساسات، ثم صار الشروع فى البناء حتى تمت على الوجه المطلوب سنة ١٨٣١ ميلادية، وأول سفينة نزلت بها كان فى ٣ يونيه من السنة المذكورة، وكانت تحمل مائة مدفع، وقد رخص لأرباب الأملاك فى أخذ أنقاض أملاكهم ليستعينوا بها فى بناء منازل غيرها، فى الأماكن التى أنعم بها عليهم من الأراضى التى كانت إذ ذاك من زاوية خطاب من/الجهة البحرية إلى البحر المالح، وكانت قبل ذلك كلها مزروعة تينا برشوميا، ومقسمة إلى زربيات متنوعة، فاتسع بذلك دائر المينا وحدث بها ترسانة تشتمل على جميع ما يلزم لإنشاء وترميم المراكب الحربية وغيرها.
ولما لم تستوف تلك المينا جميع ما يلزم لضبط الجمرك وخزن البضائع وغير ذلك من المصالح، صدرت أوامره السنية سنة ١٢٥١ هجرية، بعمل رصيف داخل البحر، فعمل وملئ ما خلفه بالأتربة والأحجار وغيرها، فحصل من ذلك أرض عظيمة الاتساع، فأنشأ فيها جميع ما تحتاج إليه المينا من مخازن ومحلات للجمرك، ومساكن لخدمة المصالح، فأمنت التجار على بضائعهم، وتمكنت الحكومة من ضبط الجمرك فزاد إيراده، وكان المباشر، إذ