كالذهب والفضة والنحاس، ويستعملون ذلك فى حوائجهم وضرورياتهم ويتجرون فيما يزيد عن لوازمهم. ومتى وصلوا إلى هذه الدرجة بلغت التجارة بين أهل تلك البلاد وبلاد مصر درجة لم يسمع بها من قبل، ويعود إلى إسكندرية فخرها التليد، وتكون مركزا لجميع تجارات بقاع الأرض، كما مر.
وقد علمت أن كثيرا من تلك التجارات طريقه الديار المصرية، فتمر بها التجارة السودانية طولا، والتجارة الهندية والمشرقية والأوروباوية عرضا، وبمرورها تنال منها المدن والبنادر والقرى حظوظا وفوائد، تكسبهم زيادة الرفاهية وحسن الحال.
فإذا تأملت ما تلوناه عليك، تقف على حقيقة محاسن المغارس الخديوية، وما ينشأ عنها للقطر فى العاجل والآجل، فإن مقصده تعميم المنافع من غير نظر لزمن معين، فلذا نتج من أفكاره الجليلة السامية، من ابتداء جلوسه على التخت إلى سنة ١٢٩٢ هجرية، أعنى فى ظرف ١٣ سنة، اشتمال القطر على سكك حديد توزعت فى نواحيه وامتدت فى جهاته بطول ألف وثلثمائة وخمسة وعشرين ميلا إنكليزيا، وهذا غير الخطوط المستعملة فى نقل محصولات الزراعة.
وقد كان الموجود من السكة الحديد، إلى آخر زمن المرحوم سعيد باشا ٢٤٥ ميلا إنكليزيا، وكان جميعه فى الوجه البحرى، فيكون والذى زاده الخديوى فى ظرف هذه المدة اليسيرة هو ١٠٨٥ ميلا، أعنى أنه زاد فى كل سنة فى السكك الحديد ٨٣ ميلا إنكليزيا تقريبا.