وصدر الأمر بذلك من المرحوم سعيد باشا، وشرع فى إرسالها بالفعل، فلم ينتج من ذلك إلا ثمرات جزئية.
ولما آل أمر الحكومة إلى جناب الخديوى إسماعيل باشا، وجه جل أفكاره السنية إلى تكميل السكة الحديد بما يلزم لها مما يجلب إليها رغبة الركاب والتجار، لعلمه أن إيرادها تابع لقدر الرغبة فيها، قلة وكثرة، ومن المعلوم أن الرغبة لا تتم إلا بإتمام موجبات الحفظ والوقاية فى كل محطة، مع مراعاة ما يلزم للركاب من الرفق بهم، وحسن المعاملة معهم، وتأمين أرباب البضائع على بضائعهم، فصدرت أوامره السامية بما يلزم لهذه المصلحة والاعتناء بشأنها.
وفى أواخر سنة ١٨٦٨ ميلادية، الموافقة سنة ١٢٨٥ هجرية، قد حفّنى العزيز بأنظاره السنية، وشملنى بإحساناته البهية، وقلّدنى نظارة هذه المصلحة، مع ما كان محالا علىّ من لدن سدّته من المصالح، فأعملت فى ذلك جل أفكارى، وصار الاهتمام ببناء جميع المحطات بسائر ملحقاتها وما يلزم لها، حتى ظهرت فى أقرب وقت.
وكان أول ما حصل الإهتمام به على الخطوط القديمة والجديدة التى حدثت فى الوجه البحرى والقبلى محطة إسكندرية، لأنها مجمع المتاجر الواردة والصادرة، فمتى استوفت لوازمها وسهل الشحن والتفريغ بها، وأمن التجار على بضائعهم من التلف، أقبل الناس على استعمال السكة الحديد، خصوصا إذا قلت الأجرة بها عن أجرة البحر.
وفى ذاك الوقت لم يكن بتلك المحطة مخازن للبضائع، بل كان جميع الصادر منها وإليها مطروحا على أرض المحطة، بين القطورات والوابورات، حتى كانت براميل الزيتون والمائعات والأدهان مرمية مع الأخشاب، وفى خلالها طرود الأقمشة، وأصناف المنسوجات، وأكياس القطن، وزنابيل الحبوب فكان يعسر على المستخدمين نقلها، وتكرر من أصحاب البضائع الشكوى، لما كان يلحقهم من المصرف الزائد فى أجر العتالين والعربات، لأن الأجرة-إذ