وإدارة حركتها، وإجراء مقتضياتها وسكنى مستخدميها وغير ذلك من مصالحها، وكل ذلك يحتاج فى عمله لزمن ومصرف، وتكثير المستخدمين، واستدامة الفكر فيه حتى يتم وينتظم أمره.
وفى ابتداء الشروع فى هذا الأمر الجليل، لم يمكن أبناء الوطن القيام بكافة الأعمال التى تلزم لإدارة هذه المصلحة، لعدم معرفتهم فى ذلك الوقت بإتقان لوازمها، لقرب عهدها بينهم، فلزم استخدام الأجانب معهم لتتميم ضرورياتها، فإنه بعد إتمام الجزء الذى استعمل من السكة الحديد إلى وقت جلوس الخديوى إسماعيل باشا على التخت لم تستوف الشروط الضرورية لهذا العمل، ولم يبن إلا محطة مصر وإسكندرية، وأما باقى المحطات فكان فى بعضها أخصاص من خشب، وفى بعضها بناء من الطوب النئ والدبش على هيئة غير هندسية.
وفى جميع المحطات كان الاقتصار على رصيف للركاب، من غير أن ينظر لراحتهم ووقايتهم من حر الصيف وبرد الشتاء، ولا إلى ما يلزم للمحطات من الفرش وأدوات الجلوس والاستراحة، بل كانت مجردة عن ذلك، ولا إلى حركة الوابورات الواردة والصادرة، على وجه يجلب منافعها ويدفع مضارها.
والمحطتان المبنيتان، وهما محطة مصر وإسكندرية، وإن وجد فيهما بعض من المبانى اللازمة لتلقى أمتعة الركاب وبضائع التجار، لكن لم يكن ذلك كافيا ما يلزم لهذه المصلحة، فكان ما فيهما من الأبنية إما غير كاف للبضائع، وإما غير مستوف لشروط حفظها، وإن أضيف إلى ذلك أن جميع المستخدمين بالمحطات، كالوكلاء والمعاونين، وجميع خدمة الوابورات والقطورات والمخازن، كانوا بهيآت لا يتميزون بها عن بعضهم، وأن أكثرهم كان من الأجانب الذين لا معرفة لهم بلغة هذه الديار ولا بأحوال أهلها، يعلم أن الحالة التى كانت عليها السكة الحديد المصرية-فى تلك المدة-غير مستحسنة، فلذا كانت عديمة الأرباح، كثيرة الخسارة والمضرات، داعية إلى النفور، وليس ذلك هو الغرض المقصود من إنشائها.