وكان رؤساء المصلحة دائما حريصين على استقامة أمورها، لكن لما لم يزدد إيرادها ويحصل المقصود منها، لم يتم لهم ذلك بل كانت النتيجة السنوية دائما بالعكس، ولعل سببه: إما عدم وقوفهم على ما يناسب من الأعمال وإما أن الأعمال كانت لا تتم على الصورة المرغوبة لهم، بسبب جهل المأمورين بمباشرة العمل، فنتج من ذلك تلف أكثر المهمات والعربات والوابورات، ولم تتدارك المصلحة تعمير ذلك فى أوقاته لأن إيرادها كان دائما فى النقص بخلاف/مصرفها، وكانت ورشة العمليات المجعولة للعمارة غير كافية ولا مستوفية لشروط العمارة كما يجب، إما لنقص بعض العدد والآلات، وإما لقلة العمال.
ومن كثرة الوارد على الورشة المذكورة من جميع الخطوط، امتلأت حتى لم يبق فيها متسع لما يعمر بها، فاضطرت المصلحة لخزن بعض ذلك فى جهة القبارى وباب العزب، وعلى الأشرطة المجعولة مخازن لذلك فى بعض المحطات المتوسطة.
ولم يكن سبب التلف، ما ذكر فقط، بل من أسبابه أيضا: رداءة الفحم، وعدم السقائف فوق أشرطة المخازن، لأن شدة حرارة الشمس فى فصل الصيف كانت تؤثر فى خشب العربات فتفصل ألواحها عن بعضها، وكذلك إهمال دهنها، وتراخى المفتشين والملاحظين ووكلاء المحطات، حتى ترتب على ذلك ضياع أموال عظيمة باسم العمارة فى ورشتى بولاق وإسكندرية.
ومع ما كان يظهره المأمورون من الغيرة والاجتهاد، كان التلف دائما فى الازدياد، حتى احتيج فى آخر زمن المرحوم سعيد باشا إلى الاستعانة بورشة (كازستين)، الواقعة على شاطى المحمودية بالإسكندرية.
ولما عظم مقدار المحتاج من الوابورات إلى التعمير، وشوهد أن بقاء الأمر على ما هو عليه يضر بإدارة السكة الحديد، ويوجب تأخرها وربما ينشأ عنه تعطيلها عن الحركة بالكلية، صار القرار بإرسال جملة وابورات إلى بلاد الإنكليز لأجل تعميرها هناك.