بحيث لو خلط بها لم يعرف إلا بالطعم والرائحة، وشكل الجوزة المنقسمة فلقتين وطعمه أشهى من الكريز، ويجمع قبل استوائه وينشر فوق الأسطحة المستوية فينشف ويسودّ لونه ثم يدش على الأرحية، ثم يخلص من قشره بالتذرية، وهذا هو البن الذى يباع فى جهات الدنيا.
وأما الذى يبقى على أصوله حتى يتم استواؤه فلا يحتاج إلى الدش بل يفصل قشره باليد وينشف كالزبيب، وأهل اليمن يغلونه ويستعملون منقوعه مبردا فى الصيف وهو نافع للصحة، وهذا النوع يبقى فى اليمن ولا يخرج إلى بلاد غيرها ويكون غالى القيمة، وأحسن البن ما كان حبّه غليظا مع الخضرة.
والقشر الذى تكلمنا عليه حار رطب فى الأولى، والشراب المصنوع منه إن شرب صيفا يرخى البطن وينعش القلب ويزيل الثقل والفتور الحاصل فى الصباح، والأحسن فى قلى الحب عدم الجور عليه لئلا تضيع خاصيته، وشرب القهوة بعد الأكل بساعة نافع للصحة لهضمه الطعام، ولها نفع فى الزكام وآلام الرأس، وفى كل سنة يخرج من بلاد العرب ثمانون ألف فرد من البن، منها إلى جدة أربعون ألف، والباقى يخرج إلى البصرة وغيرها.
والفرد ثلاثة قناطير وكل أربعة قناطير منها مع زيادة عشرة أرطال قنطار بالدمشقى، وكان دخولها فى بلاد الروم خصوصا القسطنطينية سنة تسعمائة واثنتين وستين هجرية، وفى هذا الوقت ظهرت أماكنها المعهودة لها، افتتح ذلك رجل من دمشق بنى قهوة فاجتمع فيها الناس حتى العلماء، وأول استكشافها كان سنة ستمائة وست وخمسين هجرية انتهى.