وخلف ابنه الشيخ على فنشأ على قدم أسلافه فى العلم والعمل، وصار له شهرة وثروة وتزوّج بزينب بنت القاضى عبد الرحيم الجوينى، ومات وخلف ولديه الشيخ حسنا المتوفى سنة سبع وتسعين وألف، وأخاه الشيخ عبد الرحمن المتوفى سنة تسع وثمانين وألف.
ولما توفى الشيخ حسن أعقب الجد إبراهيم رضيعا فكفلته والدته الحاجة مريم بنت الشيخ محمد بن عمر المنزلى الأنصارى فنشأ نشوأ صالحا حتى بلغ الحلم، فزوجته بستيتة بنت عبد الوهاب أفندى الدلجى، فى سنة ثمان ومائة وألف، وبنى بها فى تلك السنة فولدت الوالد المترجم فى سنة عشر ومات والده وعمره شهر واحد، وسن والده إذ ذاك ست عشرة سنة، فربته والدته بكفالة جدته المذكورة. ووصاية الشيخ محمد النشرتى، وقرروه فى مشيخة الرواق كأسلافه، والمتكلم عنه وصيّة، وتربى فى حجورهم حتى ترعرع وحفظ القرآن وعمره عشر سنين، واشتغل بحفظ المتون فحفظ الألفية، والجوهرة، ومتن كنز الدقائق فى الفقه، ومنظومة ابن الشحنة فى الفرائض وغير ذلك.
واتفق له وهو ابن ثلاث عشرة سنة أنه مرّ مع خادمه بطريق الأزهر فنظر إلى شيخ مقبل منوّر الوجه والشيبة وعليه جلالة ووقار طاعن السن، والناس يزدحمون على تقبيل يده ويتبركون به، فسأل عنه فعرف أنه ابن الشيخ الشرنبلالى فتقدم إليه ليقبل يده كغيره فنظر إليه الشيخ وقبض على يده وقال: من يكون هذا الغلام؟ فعرّفوه عنه فتبسم وقال: عرفته بالشبه، ثم قال: إسمع يا ولدى أنا قرأت على جدّك وهو قرأ على والدى، وأحب أن تقرأ علىّ شيئا وأجيزك وتتصل بيننا سلسلة الإسناد وتلحق الأحفاد بالأجداد، فلازم الحضور عنده كل يوم، وقرأ عليه متن نور الإيضاح تأليف والده فى العبادات، وكتب له الإجازة والسند فقال فيها بعد أن حمد الله وصلى على نبيه ﷺ ما نصه: وبعد.