الدروس فى المنزل ويراجع المسائل الشرعية مع مراعاة الأصول والقواعد، وتلقى الوافدين ومراعاة الأقارب والأجانب مع لين الجانب، ويخدم بنفسه جلساءه ولا يبخل بالموجود ولا يتكلف المفقود.
ومن أخلاقه أنه كان يجلس بآخر المجلس على أى هيئة كانت بعمامة وبدونها ويلبس أى شئ كان، وينام كيفما اتفق، وكان دائم المراقبة والفكر يتهجد كثيرا حتى يصلى الصبح ويجلس فى مصلاّه إلى طلوع الشمس ويحاذر الرياء ما أمكن، وكان يصوم رجب وشعبان ولا يقول إنى صائم، وربما دعى إلى وليمة فلا يردّ القهوة والشربات ويوهم الشرب، وكان مع بشاشته عظيم الهيبة فى نفوس الناس ذا جلال وكمال وسمعت شيخنا محمود الكردى يقول:
أنا عندما كنت أراه يداخلنى هيبة عظيمة، وكان مربوع القامة ضخم الكراديس أبيض اللون عظيم اللحية منوّر الشيبة واسع العينين غزير شعر الحاجبين وجيه الطلعة، ولم يزل على طريقته الحميدة إلى أن آذنت شمسه بالزوال وغربت من بعد ما طلعت من مشرق الإقبال، وتعلل اثنى عشر يوما بالهيضة الصفراوية، فكان كلما تناول شيئا قذفته معدته عند ما يريد الاضطجاع إلى أن اقتصر على المشروبات، وهو مع ذلك لا يصلى إلا من قيام ولا يغيب عن حواسه، وكان ذكره فى هذه المدة أن يقرأ الصّمدية مرة ثم يصلى على النبى ﷺ بالصيغة السنوسية كذلك، ثم الاسم العشرين من الأسماء الإدريسية وهو: يا رحيم كل صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه، هكذا كان دأبه ليلا ونهارا، حتى توفى يوم الثلاثاء قبيل الزوال غرة شهر صفر وجهز فى صبيحة يوم الأربعاء وصلى عليه بالأزهر بمشهد حافل جدا، ودفن عند أسلافه بتربة الصحراء بجوار الشمس البابلى والخطيب الشربينى وله من العمر سبع وسبعون سنة، ورثاه تلميذه العلامة الشيخ محمد الصّبان بقصيدة أنشدت وقت حضور