فانتفع به كثير من الناس، وحدث عن الوادياشى بالموطأ وعن جماعات كثيرة، وأخذ الفقه عن الشيخ عبد الرحيم الإسنائى، والشيخ ولى الدين الملوى، وله زاوية خارج القاهرة وانقطع إليه جماعات كثيرة من أهل الريف وطلاب العلم، فكان يعود عليهم بالبر وكان رفيقا لين الجانب بشوشا متواضعا ترجى بركته، وكان يكثر من الحج، ومن أمره أنه طلبه الأمير الكبير برقوق لقضاء الشافعية عوضا عن برهان الدين بن جماعة فوعده وقتا يأتيه فيه، ثم توجه إلى خلوته وفتح المصحف لأخذ الفأل منه، فأول ما ظهر له قوله تعالى ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ (١) فتوجه من وقته إلى منية السيرج واختفى بها، حتى ولى البدر بن محمد أبو البقاء، وولى مشيخة لخانقاه الصلاحية سعيد السعداء، ومات بطريق الحجاز وهو عائد من الحج والمجاورة فى يوم الأربعاء ثامن المحرم سنة اثنتين وثمانمائة بمنزلة كفافة، فحمل إلى المويلح وغسل وكفن وصلى عليه يوم تاسوعاء وحمل إلى عيون القصب فدفن فى هذا الموضع على ميمن الحاج، فى يوم الجمعة وترجمه الحافظ السخاوى فى تاريخه فقال:
هو إبراهيم بن موسى بن أيوب البرهان أبو إسحق وأبو محمد الإبناسى ثم القاهرى المصرى المفتى الشافعى الفقيه، ولد فى أول سنة خمس وعشرين وسبعمائة بإبناس وهى قرية صغيرة بالوجه البحرى من مصر، قدم القاهرة وهو شاب فحفظ القرآن وكتب وتفقه بالإسنوى وولى الدين الملوى وغيرهما، وبرع فى الفقه والعربية والأصول، وتخرج بالعلائى وسمع الحديث على الوادياشى والمبدولى ومحمد بن إسمعيل الأيوبى وجماعة كثيرين يطول تعدادهم بالقاهرة ومكة والشام، وتصدى للإفتاء والتدريس دهرا، ولبس منه غير واحد الخرقة، بلبسه لها من البدر أبى عبد الله محمد بن الشرف أبى عمران موسى، والزين مؤمن بن الهمام، والسراج الدمرالى بسند نسبته إلى أبى العباس البصير الذى جمع الشيخ مناقبه، ودرس بمدرسة السلطان حسن، وبالآثار النبوية وبجامعة المنشا مع الخطابة به وغيرها.