جسيما صاحب شهامة وبسالة وإقدام، حتى إنه خرج عليه ليلا فى بعض أسفاره جماعة من قطاع الطريق فلم يكترث بهم وحمل عليهم فى ثلاثة رجال كانوا معه فبدّد شملهم وفرق جمعهم، لكن أصيب منهم فى فخذه الأيمن برصاصة ارتهن بها فى فراشة نحو شهرين، ولا زال منعم البال مرفه الحال إلى أن ماتت زوجته فى سنة خمسين فتكدّر عيشه وأخذت أحواله فى الاضمحلال لا سيما بهلاك مواشيه التى كان يتجر فيها، وقد مات أولاده فى حياة أمهم، ولم يبق سوى المترجم وكان أصغرهم: قال: فكان الوالدان يترددان بى فى كل عام بعد موت أخوتى إلى زيارة سيدى أحمد البدوى، ويقولان لى:
أنت السيد فاشتهرت بهذا الاسم من وقتئذ، وقد دخل المترجم مكتب قرية أبى رجوان وهو ابن ست سنين فقرأ به إلى سورة يس، ثم أخذ بعد موت والدته بدون علم والده إلى المكاتب الميرية، التى أنشأها العزيز محمد على باشا فى جميع مديريات حكومته، فأدخل مكتب حلوان على طرف الميرى، فلم يمكث به إلا سنة واحدة.
ثم حول فى خامس عشر صفر سنة اثنتين وخمسين إلى مدرسة الألسن بالأزبكية فى القاهرة المفتتحة فى سنة إحدى وخمسين فاشتغل فيها بتحصيل اللغة الفرنساوية تحت نظارة الفاضل الشريف السيد رفاعة بيك الطهطاوى، فاشتغل فيها بتحصيل اللغة الفرنساوية على مهرة المعلمين، وتلقى اللغة العربية بأصولها وفروعها عن جماعة من أفاضل الأزهريين، منهم الأستاذ المحقق الشيخ محمد قطة العدوى المالكى المترجم فى الكلام على بنى عدى، ومنهم شيخ المشايخ السيد محمد الدمنهورى الشافعى صاحب التآليف العديدة المتوفى سنة أربع أو خمس وثمانين، ومنهم السيد حسنين الغمراوى الشافعى المتوفى سنة ثلاث بعد ثلاثمائة وألف والشيخ محمد أبو السعود الطهطاوى المتوفى سنة ثمانين، والعلامة الشيخ على الفرغلى الأنصارى الطهطاوى المتوفى على عمل القضاء بطهطا سنة إحدى وثمانين.