وفى كتب الفرنج أن أتريب مدينتان بمصر إحداهما مدينة كانت قديما من المدائن العظيمة على الشاطئ الشرقى للنيل بقرب مدينة بنها من مديرية القليوبية.
ويقال لها أيضا: أتريبس طولها اثنا عشر ميلا وعرضها كذلك، وكان لها اثنا عشر بابا، وكان بها خليج تجرى به مياه النيل تتفرع منه ترع صغيرة يحيط منها الماء بالمساكن، وكانت بساتينها مملوءة بالأشجار المثمرة كما نقل ذلك عن ابن إياس، وبيوتها فى غاية الحسن وكانت قاعدة إقليم يعزى إليها قراه وهى مائة قرية وثمانية، وكان يسمى فى زمن الرومانيين إقليم أو غسطمنيقه الثانى، وكان فيها كرسى أسقفية نصرانية ودار إقامة الحاكم وأطلالها الباقية إلى الآن تعرف بتل أتريب وهى مشهورة.
وقال ابن الكندى: إن كورة أتريب كانت أحد الأقاليم المصرية التى لا نظير لها على وجه الأرض ككورة سمنود، وكورة الفيوم، وكورة أتريب من جملة كور أسفل الأرض، وكان يقال: مدائن السحرة من ديار مصر سبع وهى: أرمنت، وببا، وبوصير، وأنصنا، وصان، وصا، وأتريب، وكان بها دير للعذراء البتول يعرف بدير مارى مريم على شط النيل بقرب بنها، وعيده فى حادى عشر بؤونه.
وذكر الشابسطى أن حمامة بصنا تأتى فى ذلك العيد فتدخل المذبح لا يدرون من أين جاءت ولا يرونها إلى مثل ذلك اليوم، وقد تلاشى أمر هذا الدير، حتى لم يبق به إلا ثلاثة من الرهبان، لكنهم يجتمعون فى عيده وكان يجتمع به عالم بكثرة من جميع الأقاليم، وقد عزم مروان الجعدى المنبوذ بالحمار آخر خلفاء بنى أمية على إحراق أتريب حين وصل إلى جهتها، فنجاها الله من تلك المصيبة بمهربه منها إلى وسط مصر.