ومن كلامه: إذا صحت المناجاة بالقلوب استراحت الجوارح، وقال إسحق بن إبراهيم السّرخسى بمكة سمعت ذا النون وفى يده الغل وفى رجليه القيد وهو يساق إلى المطبق والناس يبكون حوله وهو يقول: هذا من مواهب الله تعالى ومن عطاياه وكل فعاله عذب حسن طيب ثم أنشد:
لك من قلبى المكان المصون … كل لوم علىّ فيك يهون
لك عزم بأن أكون قتيلا … فيك والصّبر عنك ما لا يكون
وبالجملة فمحاسنه كثيرة، وكراماته شهيرة توفى فى ذى القعدة سنة خمس وأربعين، وقيل ست وأربعين، وقيل ثمان وأربعين ومائتين ﵁ بمصر، ودفن بالقرافة الصغرى وعلى قبره مشهد مبنى، وفى المشهد أيضا قبور جماعة من/الصالحين ﵃ أجمعين.
وحكى السخاوى فى تحفة الأحباب: أن محمد بن إسماعيل المعروف بصاحب الدار بنى دارا حسنة وأتقن بناءها، فلما فرغ منها جلس على بابها فدخل عليه ذو النون، فقال له: أيها المغرور اللاّهى عن دار البقاء والسرور، كيف لا تعمر دارا فى دار الأمان، دار لا يضيق فيها المكان، ولا ينتزع منها السكان، ولا يزعجها حوادث الزمان، ولا تحتاج إلى بناء وطيّان.
ويجتمع لهذه الدار حدود أربع، الحد الأول ينتهى إلى منازل الرّاجين، والحد الثانى ينتهى إلى منازل الخائفين المحزونين، والحد الثالث ينتهى إلى منازل المحبين، والحد الرابع ينتهى إلى منازل الصابرين.