للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشرع إلى هذه الدار الشّارع إلى خيام مضروبة، وقباب منصوبة، على شاطئ أنهار الجنة فى ميادين قد أشرفت، وغرف قد رفعت فيها سرر قد نصبت، عليها فرش قد تصدّرت، فيها أنهار وكثبان مسك وزعفران، قد عانقوا خيرات حسان. وترجمة كتابها:

هذا ما اشترى العبد المحزون من الرب الغفور، اشترى منه هذه الدار، بالتنقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة فما على المشترى فيما اشترى من درك سوى نقض العهود، والغفلة عن المعبود، وشهد على ذلك التبيان، وما نطق به محكم القرآن، قال الملك الديان: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ (١) فلما سمع هذا الكلام أثر ذلك فى قلبه وباع هذه الدار وتصدق بثمنها على الفقراء والمحتاجين طلبا للدار التى وصفها له ذو النون.

ومن كلام سيدى ذى النون : إنما دخل الفساد على الناس من ستة أمور:

الأول: من ضعف النية لعمل الآخرة.

والثانى: أن أبدانهم صارت رهينة لشهواتهم.

والثالث: غلبهم طول الأمل مع قرب الأجل.

والرابع: آثروا إرضاء المخلوقين على رضاء الخالق.

والخامس: اتباعهم هواهم، ونبذهم سنة نبيهم وراء ظهورهم.

والسادس: جعلوا زلات السّلف حجة لأنفسهم ودفنوا أكثر مناقبهم.


(١) سورة التوبة/١١١