ويأتى إلى هذه المدينة كثير من عرب العبابيد القاطنين فى الصحراء لبيع أشيائهم وشراء ما لزم لهم من الحبوب ونحوها، لأنها أول بلد يوجد فيها لوازم الأقوات بعد مفارقة مدينة أسوان.
وفى زمن الفرنساوية كانت أدفو قرية صغيرة أهلها فى غاية الفقر، وذكر بلين وغيره أنها كانت من أعظم مدن الصعيد، وفى خطط أنطونان أن بعدها عن إسنا اثنان وثلاثون ميلا، وأنها واقعة بين مدينة أسوان وإسنا على ما ذكره استرابون.
فمن ذلك مع قياس البعد الذى بينها وبين إسنا على الخرطة فوجد ٤٧٤٠٠ متر وهو يوافق الاثنين والثلاثين ميلا المذكورة.
ويظهر أن هذه المدينة لم تنتقل عن محلها الأصلى، ثم إنها كانت فى زمن قيصر الروم أدريان (١) من المدن المعتبرة وفيها ضربت ميداليات باسمه، وفى القرن الرابع من الميلاد فى الوقت الذى كتب فيه إميان مارسيلوس تاريخه كانت هذه المدينة قد انحطت عن قدرها، وكانت المدن المعتبرة من مدن الصعيد هى قفط وهرموبوليس.
ولم يذكر هيرودوط معبد مدينة أدفو مع أنه من أشهر ما يوجد فى الجهات القبلية، والظاهر أن الأهالى لم تطلعه عليه، ولم يتكلم عليه أيضا كثير من المؤرخين والسياحين الذين أتوا بعده، ولم تعلم حقيقته ويظهر أمره إلا بعد دخول العرب أرض مصر وهو يشتمل على معبدين متقاربين واقعين فى شمالها الغربى فى أسفل تل مرتفع فى غاية الحفظ إلى الآن.
وكان لتلك المدينة رصيف على البحر، وسعة تلولها وكثرة آثارها يدلان على أنها كانت مدينة كبيرة متسعة ومعبدها الكبير مرتفع عن البلد إلى الآن، ولذا تسميه الأهالى قلعة وهو يشاهد من مسيرة فرسخين.