هالته، فلما أصبح أعتقهم وأطلقهم وأعطاهم دراهم وصرفهم مكرمين فنزلوا فى مركب وحضروا إلى مصر وصحبتهم تلك العنز وذهبوا بها إلى المشهد النفيسى، وذكروا فيها خرافات كبيرة.
فمنهم من يقول: إنهم أصبحوا فوجدوها عند المقام، ومنهم من يقول فوق المنارة، ومن يقول سمعناها تتكلم أو أن السيدة تكلمت وأوصت عليها، وأن الشيخ سمع كلامها من القبر، ثم أبرزها الشيخ للناس وأجلسها بجانبه ويقول للناس ما يقوله: من الكذب والخرافات التى يستجلب بها الدنيا، وتسامع الناس بذلك فأقبل الرجال والنساء من كل فج لزيارة تلك العنز وأتوا إليه بالنذور والهدايا وعرفهم أنها لا تأكل إلا قلب اللوز والفستق، ولا تشرب إلا ماء الورد والسكر المكرر، فأتوه من أصناف ذلك بالقناطير وعمل النساء للعنز قلائد الذهب وأطواق الذهب ونحو ذلك من الحلى، وافتتنوا بها وشاع خبره فى بيوت الأمراء وأكابر النساء فأرسلن على قدر مقامهن من النذور والهدايا وذهبن لزيارتها ومشاهدتها وازدحمن عليها فأرسل الأمير عبد الرحمن كتخدا إلى الشيخ عبد اللطيف يلتمس منه حضوره إليه بتلك العنز ليتبرك بها هو وحريمه.
فركب الشيخ بغلته والعنز فى حجره ومعه طبول وبيارق وحوله الجم الغفير من الناس ودخل بها بيت الأمير المذكور على تلك الحالة، وصعد بها إلى مجلسه وعنده حينئذ الكثير من الأمراء والأعيان فزارها وتملس بها ثم أمر بإدخالها الحريم ليتبركن بها، وقد كان أوصى/قبل حضور الشيخ بذبحها وطبخها فلما أخذوها ليذهبوا بها إلى الحريم أدخلوها فى المطبخ وذبحوها وعملوها قمه ثم لما حضر الغداء أخرجوها فى صحن ووضعوها بين أيديهم فأكلوا منها والشيخ عبد اللطيف صار يأكل والكتخدا يقول: كل يا شيخ من هذا الرّميس السمين،