للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى كتب الفرنساوية أنها كانت وقت دخولهم مصر محل إقامة حسن بيك وعثمان بيك وصالح بيك بعد الفتن التى أوجبت عداوتهم مع مراد بيك وخروجهم من القاهرة كما كان ذلك عادة جارية عقب كل فتنة، فإن هذه المدينة كانت مأوى المطرودين ويسبب بعدها عن التخت كانت الحكام تتركهم ولا تتعرض لهم فيما يفعلونه فيها وفى أهلها، فكانت مديرية إسنا كأنها طعمة تتركها لهم الحكومة طمعا فى الأمن من شرهم، مع أن الغالب أن العصاة كانوا متى تحصلوا من ظلم الأهالى على ما يهيئون به أنفسهم يقوموا فى الجهات القبلية ويثيروا الفتن ويخربوا فى البلاد، ومع ذلك فإقامتهم فى تلك المدينة كانت موجبة لها نوع العمارية من تحريك البضائع بالبيع والشراء لتحصيل أغراض هؤلاء الأمراء مما هو لازم لمعاشهم ومستلذاتهم، فكانوا يصرفون مصارف واسعة مما يسلبونه من البلاد، ولهذا كثرت فيها الحرف والصنائع كصنعة نسج الملاءات وأصناف الملبوسات من القطن والصوف ومعاصر زيت الخس.

ولها سوق كبير كل يوم أحد تجتمع فيه الأهالى والعرب وتباع فيه جميع السلع حتى المرجونات والمقاطف ونحوها مما يصنعه البربر من سعف النخل، وهذا غير السوق الدائم على عادة المدن/الكبيرة، وفى كل سنة ترد عليها قافلة من سنار معها أنواع تجارة تلك البلاد مثل الصمغ والريش وسن الفيل، وكان بها فى وقت الفرنساوية ثلاثمائة عائلة من الأقباط جميعهم أصحاب صنائع، وشكل المدينة بيضاوى وأعظم طولها تسعمائة متر من الشمال إلى الجنوب، وعرضها أربعمائة متر، وفى وسطها ميدان طوله ثمانون مترا فى عرض أربعين وفوق كثير من بيوتها أبراج للحمام مبيضة بالجير للوقاية من الهوام.

وكانت إقامة الفرنساوية فى جنينة حسن بيك التى فى الجهة البحرية من المدينة ولذلك سميت بجنينة الفرنساوية، والموردة قريبة منها يشاهد هناك رصيف قديم يظهر أنه من آثار من حكموا الديار المصرية فى الأعصر الخالية ثم أهمل فتلاشى أمره، ولذلك هجم النيل على المدينة فخرب كثيرا من بيوتها