للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر هيرودوط: أن الطير المقدس المعروف باسم أبيس كان يدفن بها؛ كما أن الباشق أو الباز كان يدفن بمدينة بولو فى حدود بحيرة البرلس، وكان النمس محترما فيها على قول استرابون، وكانت فى زمن قيصر الروم من المدن المشهورة الكثيرة العمران وضربت فيها ميداليات باسم المدينة عليها صورة الطير أبيس المجعول علما على أزريس كما كانت الشمس كذلك، وكانت شهرتها باقية فى زمن القيصر أنتونان (١) والقيصر ماركوريل (٢) وفى زمن أميان مرسيلان (٣) كانت من أعظم المدن، وكان بها رباط من الخيالة وكان بها فى القرون الوسطى دار أسقفية يتبعها جملة من الديور المتفرعة فى بلاد الجيزة.

ومن الأسباب التى أوجبت خراب هذه المدينة زيادة على مدينة أنصنا نقص مياه بحر يوسف الذى كان معدا لسقى المزروعات؛ فإنه أهمل أمره فى زمن حكومة الرومانيين فأوجب ذلك اضمحلال المدينة باضمحلال حال الزراعة، ونشأ عن ذلك مفارقة الأهالى لها وقربهم من النيل، وبنيت مدينة ملوى قبلى تلك المدينة على بعد فرسخين منها، وسميت ملوى العريش فقامت مقامها.

وفى سنة ١٧٢٠ ميلادية كانت هى مركز المديرية ويجتمع فى موردتها عدد كثير من السفن المشحونة بالغلال لأجل إرسالها إلى مكة المشرفة وكان يرد عليها تجارة بلاد العرب، ثم تحول النيل عن حيطانها ففارقها سعدها مع مفارقة النيل، فقامت عوضا عنها مدينة المنية وصارت رأس مديرية إلى الآن، ومع ذلك فمديرية المنية كانت تسمى مديرية الأشمونين أو ولاية الأشمونين أو إقليم الأشمونين.


(١) يقصد: أنطونينوس بيوس [١٣٨ - ١٦١ م. Antoninus Pius [انظر اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها، ج ١/ ٧٢ - ٧٣.
(٢) يقصد: ماركوس أوريليوس أنطونينوس [١٦١ - ١٨٠ م]. انظر: المرجع السابق، ج ١/ ١٤٢.
(٣) يقصد: أميانوس ماركللينوس، مؤرخ رومانى خدم فى جيوش الإمبراطور قسطنطيوس، وعاصر الإمبراطور جوليان. وألف تاريخا صادقا معتدلا عن العصر الذى عاش فيه. انظر: المرجع السابق، ج ١/ ٦٣١، ج ٢/ ١٨٠.