المتر، وقد قيست لبنة منه فوجد ارتفاعها ثمانية وثلاثين جزءا من مائة من متر، وعرضها ثلاثون جزءا والسمك كذلك، ويظهر أن هذا السور كان مجعولا لوقاية المبانى التى فى داخله من إغارات العرب ونحوهم، فإن العادة كانت جارية بإحاطة المعابد والسرايات ونحوها بالأسوار، ويجعلون فى أضلاع المحيط أبوابا هائلة من الحجارة مع أن السور من اللبن-وهو الطوب المضروب المجفف بالشمس والهواء-وبعض المبانى زال سورها وبقى الباب أو بعضه، وفى بعضها ذهب الباب وبقى السور كما هى الحالة الحاصلة فى هذا المحل فإن الباب قد ذهب، وبالتأمل يظهر أنه كان فى الضلع المقابل للجبل على خلاف العادة؛ فإنهم كانوا يجعلون الباب مواجها للنيل.
وهناك آثار وإشارات كتلال داخل السور، يفهم منها أن المدينة كانت فى داخله، وأن السور القريب منه كان محيطا بالمعابد، ومنه يفهم أن الإغارات من العرب وخلافهم فى تلك الحقبة كانت كثيرة، وكان القصد منها إنما هو البلاد لسلب ما فيها دون المعابد فحصل هدم أغلبها إما لهذا السبب، أو لأخذ أنقاضها فى بناء البلاد والقرى التى أعقبتها، ومن ذلك لا نرى الآن غير النادر منها وأكثر ما يرى أسوار المعابد، وكان الباقى بها إلى زمن الفرنساوية من المبانى القديمة بعض أعمدة وبعض معبد إنهدم أغلبه، وبالقرب منه حوض كبير للماء يظهر أنه قديم جدا، ولعله كان مستعملا فى أمور العبادة، والمعبد الصغير المنعزل واقع فى طريق الجبل، والظن أنه معبد المقدسة لوسين التى كانت يتوسل بها فى تسهيل وضع الحمل، ويؤخذ من بعض العبارات أنه كان لأوزريس قبر فى هذه المدينة، فقد نقل بولوترك عن مانيتون أن أهلها كانوا كل سنة فى ميعاد معلوم يحرقون رجالا شعلا على قبر أوزريس، وقال ذلك أيضا استرابون وبلين لكن سماعا بلا مشاهدة ولم يتكلم على ذلك هيرودوط.
وفى قاموس الفرنج أن بولوترك عالم فيلسوفى رومى مشهور، ولد سنة ثمان وأربعين أو خمسين بعد الميلاد. ومات سنة مائة وثمانية وثلاثين أو مائة وأربعين، وله مؤلفات كثيرة معتمدة فى فنون شتى/انتهى.