ويقال إنه دخل عليه مرة رجل من الطوائف قواد النساء الذين يقال لهم فى الجهات القبلية: الغوازى، وكان ذلك الرجل متعمما بالكشمير متهيئا بالملابس الفاخرة فقام له وعظمه وحياه وبعد شرب القهوة تبين له أنه من هذه الطوائف، فتأذى من ذلك ولازم التقشف إلى أن مات، وقد أعقب ابنين عطية وعبد الرحمن، مات عطية فى حياته وترك أولادا أحدهم الحاج محمد هو عمدة الناحية ومن أعضاء شورى النواب، وكان عبد الرحمن ناظر قسم بعد أبيه فى زمن الخديو إسماعيل باشا ولم يلبث إلا قليلا ولزم بيته إلى الآن وهو فى ثروة أبيه بل ربما زادت ثروته، وكان من أعضاء شورى النواب أيضا وله ميل إلى لبس الصوف أيضا لكنه مترفه جدا ولهم اعتبار كبير عند الحكام والأهالى، وكان لهم فى ساحل بولاق شونة غلال للمبيع لا تفرغ.
وبقرب هذه القرية قرية يقال لها كوم غريب يسكنها كثير من الأقباط أصحاب الثروة، كان أبو دومة يزعم أنهم ملكه وأن له بيعهم والتصرف فيهم كيف شاء، وكانت هذه عادة قديمة عند الهوارة والعرب ثم بطل ذلك بعد مجئ العائلة المحمدية واشتهار الحرية، وكان النصارى يسمون الواحد من الهوارة والعرب بدويهم، وكان البدوى منهم يدافع عن نصرانيه ويحامى عنه كما يحامى عن ولده، وإذا افتقر الواحد منهم يساعده الآخر، وإذا تزوجت بنت النصرانى يأخذ عليها البدوى شيئا معلوما عندهم، كما يأخذ النصرانى على بنت بدوية، وهذه عادة كثير من بلاد الصعيد كنواحى الهلّة والحريقة وطما ودوير عائد إلى ما فوق جرجا فيتعرض النصرانى لبنت بدوية ليلة البناء، فقبل خروجها من بيت أبيها يقيدها بقيد من الحديد أو نحوه أو يغلق عليها بابا حتى يأخذ من أهل الزوج مبلغا من النقود من ريال إلى عشرين أو أكثر على حسب حال الزوج والزوجة.